إلى الجهل. وإن حملناه على الكفّار ، فمعنى البغضاء الشتيمة والوقيعة في المسلمين.
فصل
قال القرطبيّ : «وفي هذه الآية دليل على أن شهادة العدو على عدوّه لا تجوز ، وبذلك قال أهل المدينة وأهل الحجاز ، وروي عن أبي حنيفة جواز ذلك.
وحكى ابن بطّال عن ابن شعبان أنه قال : أجمع العلماء على أنه لا تجوز شهادة العدو على عدوه في شيء ، وإن كان عدلا ـ والعداوة تزيل العدالة ، فكيف بعداوة الكافر».
قوله : (وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) يجوز أن تكون «ما» بمعنى : الذي ، والعائد محذوف ـ أي : تخفيه فحذف ـ وأن تكون مصدرية ـ أي : وإخفاء صدورهم ـ وعلى كلا التقديرين ، ف «ما» مبتدأ و «أكبر» خبره ، والمفضّل عليه محذوف ، أي : أكبر من الذي أبدوه بأفواههم.
قوله : (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) شرط ، حذف جوابه ، لدلالة ما تقدم عليه ، أو هو ما تقدم ـ عند من يرى جوازه ـ.
والمعنى : إن كنتم من أهل العقل ، والفهم ، والدراية.
وقيل : إن كنتم تعقلون الفصل بين ما يستحقه الوليّ والعدوّ ، والمقصود منه : استعمال العقل في تأمل هذه الآيات ، وتدبّر هذه البينات.
قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ) قد تقدم نظيره.
قال الزّمخشريّ : «ها» للتنبيه ، و «أنتم» مبتدأ و «أولاء» خبره ، و «تحبّونهم» في موضع نصب على الحال من اسم الإشارة.
ويجوز أن يكون «أولاء» بمعنى : الذي ، و «تحبّونهم» صلة له ، والموصول مع الصلة خبر.
قال الفرّاء : «أولاء» خبر ، و «يحبونهم» خبر بعد خبر.
ويجوز أن يكون «أولاء» في موضع نصب بفعل محذوف ، فتكون المسألة من باب الاشتغال ، نحو : أنا زيدا ضربته.
قوله : (وَلا يُحِبُّونَكُمْ) يحتمل أن يكون استئناف إخبار ، وأن يكون جملة حالية.
فصل
قال المفضّل : «تحبّونهم» تريدون لهم الإسلام ، وهو خير الأشياء ، و (وَلا يُحِبُّونَكُمْ) ، فإنهم يريدون بقاءكم على الكفر ، وهو يوجب الهلاك.
وقيل : (تُحِبُّونَهُمْ) بسبب ما بينكم وبينهم من القرابة ، والرضاع ، والمصاهرة ، (وَلا يُحِبُّونَكُمْ) لأجل الإسلام.