فصل
اختلفوا في هذا اليوم.
فقال ابن عباس ، والسّدّيّ ، وابن إسحاق ، والرّبيع ، والأصم ، وأبو مسلم ، وأكثر المفسرين : إنه يوم أحد (١).
وقال الحسن : هو يوم بدر (٢).
وقال مجاهد ومقاتل : هو يوم الأحزاب (٣) ، واحتج الأولون بوجوه :
الأول : أن أكثر العلماء بالمغازي ذكروا أن هذه الآية نزلت في واقعة أحد.
والثاني : أنه ـ تعالى ـ قال بعد هذه الآية : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ) ، والظاهر أنه معطوف على ما تقدم ، وحقّ المعطوف أن يغاير المعطوف عليه ، وأما يوم الأحزاب فالقوم إنما خالفوا أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم يوم أحد ، لا يوم الأحزاب ، فكانت قصة أحد أليق بهذا الكلام ، لأن المقصود من ذكر هذه القصة تقرير قوله : (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ).
الثالث : أن الانكسار كان في يوم أحد أكثر منه في يوم الأحزاب ، لأن في يوم أحد قتلوا جمعا كثيرا من أكابر الصحابة ، ولم يتفق ذلك في يوم الأحزاب ، فكان حمل الآية على يوم أحد أولى.
الرابع : أن ما بعده إلى قريب من آخر السورة متعلق بحرب أحد.
فصل
قال مجاهد ، والكلبيّ ، والواقدي : غدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم من منزل عائشة ، فمشى على رجليه إلى أحد ، فجعل يصفّ أصحابه للقتال ، كما يقوم القداح (٤) ، وروي أن المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء ، فلما سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بنزولهم ، استشار أصحابه ، ودعا عبد الله
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٦٠) عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع والسدي.
وعزا هذا القول أبو حيان في «البحر المحيط» (٣ / ٤٨) لعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود والزهري وابن إسحاق.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٢٠) عن ابن عباس وزاد نسبته لابن أبي حاتم من طريق عطية العوفي عنه.
(٢) ذكره الرازي في «التفسير الكبير» (٨ / ١٧٩) عن الحسن.
(٣) ذكره أبو حيان في «البحر المحيط» (٣ / ٤٨) وعزاه لقتادة ومقاتل والحسن.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٦١) عن الحسن وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٢٠) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.
(٤) انظر : «التفسير الكبير» (٨ / ١٨٠)