ويحتمل أن تكون من السومة ـ وهي العلامة ـ على معنى أنهم سوموا أنفسهم ، أو خيلهم.
روي أنهم كانوا على خيل بلق (١) ، قال عروة بن الزبير : كانت الملائكة على خيل بلق ، عليهم عمائم بيض ، قد أرسلوها بين أكتافهم (٢).
وقال هشام بن عروة : عمائم صفر (٣).
وروي أنهم كانوا بعمائم بيض ، إلا جبريل فبعمامة صفراء ، على مثال الزبير بن العوام.
قال قتادة والضّحّاك : كانوا قد علموا بالعهن في نواصي الخيل وأذنابها (٤).
وروي أنّ النّبي صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه يوم بدر : تسوموا ، فإنّ الملائكة قد تسومت بالصوف الأبيض في قلانسهم ومغافرهم (٥). وأما القراءة الثانية ، فواضحة بالمعنيين المذكورين ، فمعنى السوم فيها : أن الله أرسلهم ، إذ الملائكة كانوا مرسلين من عند الله لنصرة نبيه والمؤمنين.
قال أبو زيد : سوم الرجل خيله ، أي أرسلها.
وحكى بعضهم : سومت غلامي ، أي : أرسلته ، ولهذا قال الأخفش : معنى «مسوّمين» مرسلين.
ومعنى السومة فيها : أن الله ـ تعالى ـ سومهم ، أي جعل عليهم علامة ، وهي العمائم ، أو أن الملائكة جعلوا خيلهم نوعا خاصا ـ وهي البلق ـ فقد سوموا خيلهم.
فصل
قال القرطبيّ : «وفي الآية دلالة على اتخاذ الشارة ، والعلامة للقبائل ، والكتائب ، يجعلها السلطان لهم ؛ لتتميز كل قبيلة وكتيبة من غيرها عند الحرب ، وعلى فضل الخيل البلق ؛ لنزول الملائكة عليها».
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٨٧) عن قتادة والربيع وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٢٥) وزاد نسبته لعبد بن حميد.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٨٨) عن عروة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٢٥) وزاد نسبته لعبد الرزاق وعبد بن حميد.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٨٧ ـ ١٨٨) عن أبي أسيد وعباد بن حمزة.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٨٧) عن مجاهد وقتادة.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ١٨٦) وابن أبي شيبه (١٤ / ٣٥٨) والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٢٥) وعزاه للطبري وابن أبي شيبة.
وينظر تفسير «زاد المسير» (١ / ٤٥٢).