قال شهاب الدين : «وقد جعل بعضهم الواو في (وَلِتَطْمَئِنَ) زائدة ، وهو لائق بمذهب الأخفش ، وعلى هذا فتتعلق اللام بالبشرى ، أي : أن البشرى علّة للجعل ، والطمأنينة علة للبشرى ، فهي علة العلة».
قال ابن الخطيب : في ذكر الإمداد مطلوبان وأحدهما أقوى في المطلوبية من الآخر :
فأحدهما : إدخال السرور في قلوبهم ، وهو المراد بقوله : (إِلَّا بُشْرى).
الثاني : حصول الطمأنينة بالنصر ، فلا يجنبون ، وهذا هو المقصود الأصلي ، ففرق بين هاتين العبارتين تنبيها على حصول التفاوت بين الأمرين في المطلوبية ، فعطف الفعل على الاسم ، ولما كان الأقوى حصول الطمأنينة ، أدخل حرف التعليل على فعل الطمأنينة ، فقال : (وَلِتَطْمَئِنَ) ونظيره قوله : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) [النحل : ٨] لما كان المقصود الأصلي هو الركوب ، أدخل عليه حرف التعليل ، فكذا هاهنا.
قال أبو حيان : «ويناقش في قوله : عطف الفعل على الاسم ؛ إذ ليس من عطف الفعل على الاسم وفي قوله : أدخل حرف التعليل ، وليس ذلك كما ذكره». انتهى.
قال شهاب الدّين : «إن عنى الشيخ أنه لم يدخل حرف التعليل ألبتة ، فهذا لا يمكن إنكاره ألبتة ، وإن عنى أنه لم يدخله بالمعنى الذي قصده الإمام فسهل».
وقال الجرجانيّ في نظمه : «هذا على تأويل : وما جعله الله إلا ليبشركم ولتطمئن ، ومن أجاز إقحام الواو ـ وهو مذهب الكوفيين ـ جعلها مقحمة في (وَلِتَطْمَئِنَ) فيكون التقدير : وما جعله الله إلا بشرى لكم ؛ لتطمئنّ قلوبكم به».
والضميران في قوله (وَما جَعَلَهُ ،) و «به» يعودان على الإمداد المفهوم من الفعل المتقدم ، وهو قوله : «يمددكم».
وقيل : يعودان على النصر.
وقيل : على التسويم.
وقيل : على التنزيل.
وقيل : على المدد.
وقيل : على الوعد.
فصل
قال في هذه الآية : «لكم» وتركها في سورة الأنفال ؛ لأن تيك مختصر هذه ، فكان الإطناب ـ هنا ـ أولى ؛ لأن القصة مكملة هنا ، فناسب إيناسهم بالخطاب المواجه ، وأخر ـ هنا ـ «به» وقدمه في سورة الأنفال ؛ لأن الخطاب ـ هنا ـ موجود في «لكم» فأتبع الخطاب الخطاب ، وهنا جاء بالصفتين تابعتين في قوله : (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وجاء بهما في