والخيبة لا تكون إلا بعد التوقّع ، وأما اليأس فإنه يكون بعد التوقّع وقبله ، فنقيض اليأس الرجاء ، ونقيض الخيبة : الظفر يقال : خاب يخيب خيبة.
و (خائِبِينَ) نصب على الحال.
قوله تعالى : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ)(١٢٨)
اختلفوا في سبب النزول.
فقيل : نزلت في قصة أحد ، وهؤلاء اختلفوا على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه صلىاللهعليهوسلم أراد أن يدعو على الكفار ، فنزلت هذه الآية ، وهؤلاء ذكروا أقوالا :
أحدها : أن عتبة بن أبي وقاص شجّه ، وكسر رباعيته ، فجعل يمسح الدم عن وجهه ، وسالم مولى أبي حذيفة يغسل عن وجهه الدم ، وهو يقول : كيف يفلح قوم خضّبوا وجه نبيهم بالدم ، وهو يدعوهم إلى ربهم؟ ثم أراد أن يدعو عليهم ، فنزلت هذه الآية (١).
وروى سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أن النبي صلىاللهعليهوسلم لعن أقواما ، فقال : اللهم العن أبا سفيان ، اللهم العن الحارث بن هشام ، اللهم العن صفوان بن أميّة ، فنزلت هذه الآية.
(أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) فتاب على هؤلاء ، وحسن إسلامهم (٢).
وقيل : نزلت في حمزة بن عبد المطلب لما رأى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ما فعلوا به من المثلة ، قال : لأمثّلنّ بهم كما مثّلوا به. فنزلت هذه الآية (٣).
قال القفال : وكل هذه الأشياء حصلت يوم أحد ، فنزلت الآية عند الكل ، فلا يمنع حملها على الكل.
__________________
(١) أخرجه البخاري (٧ / ٢٨١) ومسلم (٢ / ٦٧) والترمذي (٤ / ٨٣) وأحمد (٣ / ٢٥٣) والنحاس في «الناسخ والمنسوخ» ص (٩٠) والطبري في «تفسيره» (٧ / ١٩٦) والبيهقي في دلائل النبوة (٣ / ٢٦٢) عن أنس بن مالك.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٢٦) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه البخاري (٦ / ٧٨) كتاب التفسير باب سورة آل عمران رقم (٤٥٥٩) ، (٩ / ١٩١) كتاب الاعتصام باب قول الله تعالى ليس لك من الأمر شيء رقم (٧٣٤٦) والترمذي (٤ / ٨٣) وأحمد (٦٣٤٩ ـ شاكر) وأبو جعفر النحاس في «الناسخ والمنسوخ» ص (٩٨) والطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٠٠).
(٣) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٣ / ٢٨٦) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٢ / ٧٦) والخبر في «السيرة النبوية» لابن هشام (٣ / ٣٩ ـ ٤٠) بلفظ : لئن ظفرنا بهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد.