لأن الظاهر أنّها أقل حالا من الظّهارة ، فإذا كانت البطائن هكذا ، فكيف الظهارة.
الثاني : قال القفّال : ليس المراد بالعرض ـ هاهنا ـ المخالف للطول ، بل هو عبارة عن السعة ، كما تقول العرب : بلاد عريضة ، ويقال : هذه دعوى عريضة ، واسعة عظيمة.
قال الشاعر : [الطويل]
١٦١٦ ـ كأنّ بلاد الله ـ وهي عريضة ـ |
|
على الخائف المطلوب كفّة حابل (١) |
والأصل فيه أن ما اتسع عرضه لم يضق وما ضاق عرضه دقّ ، فجعل العرض كناية عن السعة.
فصل
روي أن يهوديّا سأل النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقال : إنك تدعو إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ، فأين النار.
فقال صلىاللهعليهوسلم : «سبحان الله!! فأين الليل إذا جاء النهار» (٢).
وروي عن طارق بن شهاب أن ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب ـ وعنده أصحابه ـ فقالوا : أرأيتم قولكم : وجنة عرضها السموات والأرض؟ فأين النار.
قال عمر : أرأيتم إذا جاء النهار ، أين يكون الليل؟ وإذا جاء الليل ، أين يكون النهار.
فقالوا له : إنه لمثلها في التوراة ، ومعناه حيث شاء الله (٣).
سئل أنس بن مالك عن الجنة ، أفي السماء ، أم في الأرض.
فقال : وأي أرض وسماء تسع الجنة.
قيل : فأين هي.
فقال : فوق السماوات السبع ، تحت العرش (٤).
وقال قتادة : كانوا يرون أن الجنة فوق السموات السبع ، وأن جهنّم تحت الأرضين السبع(٥).
__________________
(١) البيت للبيد بن ربيعة وقيل للقتال الكلابي. ينظر ملحقات ديوان لبيد بن ربيعة ص ٢٣٨ وديوان القتال الكلابي ص ٩٩ ولباب التأويل ١ / ٤١٩ والقرطبي ٤ / ٢٠٥ وغريب القرآن لابن قتيبة ص ١١٢ واللسان (كفف) والبحر المحيط ٣ / ٦٢.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (٣ / ٤٤١ ـ ٤٤٢) والطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٠٩).
وذكره الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (٥ / ١٥ ـ ١٦) من رواية أحمد وقال : هذا حديث غريب وإسناده لا بأس به تفرد به أحمد.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢١١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٢٩) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (٩ / ٦) عن أنس بن مالك.
(٥) انظر المصدر السابق.