١٦١٨ ـ فأفضن بعد كظومهنّ بجرّة |
|
من ذي الأباطح إذ رعين حقيلا (١) |
الحقيل ، قيل : نبت.
وقيل : موضع ، فعلى الأول هو مفعول به ، وعلى الثاني هو ظرف ، ويكون قد شذ جره ب «في» ؛ لأنه ظرف مكان مختص ، ويكون المفعول محذوفا ، أي : إذ رعين الكلأ في حقيل ، ولا تقطع الإبل جرّتها إلا عند الجهد والفزع فلا تجترّ.
ومنه قول أعشى باهلة يصف رجلا يكثر نحر الإبل : [البسيط]
١٦١٩ ـ قد تكظم البزل منه حين تبصره |
|
حتّى تقطّع في أجوافها الجرر (٢) |
والجرر جمع جرّة. والكظامة : حلقة من حديد تكون في طرف الميزان تجمع فيها خيوطه ، وهي ـ أيضا ـ السير الذي يوصل بوتر القوس.
والكظائم : خروق بين البئرين يجري منها الماء إلى الأخرى ، كل ذلك تشبيه بمجرى النفس وتردّده فيه.
فصل
قال صلىاللهعليهوسلم : «من كظم غيظا ـ وهو يقدر على إنفاذه ـ ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا» (٣) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «من كظم غيظا ـ وهو يقدر على أن ينفذه ـ دعاه الله ـ عزوجل ـ يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، حتّى يخيّره من أيّ الحور شاء» (٤).
(وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) : الذين يكفّون غيظهم عن الإمضاء ، ونظيره قوله : (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى : ٣٧] ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «ليس الشّديد بالصّرعة ، لكنّه الّذي يملك نفسه عند الغضب» (٥).
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه ١٣٢ والصحاح ٤ / ١٦٧١ ومجالس العلماء ص ٣٩ و ٨٠ والجمهرة ٢ / ١٧٩ والتاج ٧ / ٢٨٢ وجمهرة أشعار العرب ص ٧٣٣ واللسان (كظم) والدر المصون ٢ / ٢١١.
(٢) ينظر البيت في تفسير القرطبي ٤ / ٢٠٦ ورغبة الآمل ١ / ١٩٢ والخزانة ١ / ١٩٤ والكامل في اللغة والأدب ٤ / ٦٥ والبحر المحيط ٣ / ٦٠ والدر المصون ٢ / ٢١١.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢١٦) عن أبي هريرة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٣٠) وزاد نسبته لعبد الرزاق وابن المنذر والحديث ذكره السيوطي أيضا في «الجامع الصغير» (٨٩٩٧) وعزاه لابن أبي الدنيا في «ذم الغضب» ورمز له بالضعف.
وللحديث شاهد من حديث معاذ.
أخرجه أبو داود ٢ / ٦٦٢) رقم (٤٧٧٧).
(٤) تقدم.
(٥) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢ / ٩٠٦) كتاب حسن الخلق باب ما جاء في الغضب (١٢) والبخاري (١٠ / ٥٣٥) كتاب الأدب ، باب الحذر من الغضب (٦١١٦) ومسلم (٤ / ٢٠١٤) كتاب البر والصلة باب فضل من يملك نفسه عند الغضب (١٠٧ ـ ٢٦٠٩) والترمذي (٢٠٢٠) وأحمد (٢ / ٢٣٦ ، ٢٦٨) والبيهقي (١٠ / ٢٣٥ ، ٣٤١) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٢ / ٢٥٤) والبخاري في «الأدب المفرد» ـ