وقيل : مسنون ، أي : متغير.
وقال بعض أهل اللغة : هي فعلة من سنّ الماء ، يسنه ، إذا والى صبّه ، والسّنّ : صبّ الماء والعرق نحوهما.
وأنشد لزهير : [الوافر]
١٦٢٦ ـ نعوّدها الطراد كلّ يوم |
|
تسنّ على سنابكها القرون (١) |
أي : يصب عليها من العرق ، شبّه الطريقة بالماء المصبوب ، فإنه يتوالى جري الماء فيه على نهج واحد ، فالسّنّة بمعنى : مفعول ، كالغرفة.
وقيل : اشتقاقها من سننت النّصل ، أسنّه ، سنّا ، إذا حددته [على المسن](٢) ، والمعنى : أن الطريقة الحسنة ، يعتنى بها ، كما يعتنى بالنّصل ونحوه.
وقيل : من سنّ الإبل ، إذا أحسن رعايتها ، والمعنى : أن صاحب السنة يقوم على أصحابه ، كما يقوم الراعي على إبله ، والفعل الذي سنّه النبي صلىاللهعليهوسلم سمّي سنّة بمعنى : أنه صلىاللهعليهوسلم أحسن رعايته وإدامته. وقد مضى من ذلك جملة صالحة في البقرة.
فصل
قال [أكثر المفسرين](٣) : المراد : سنن الهلاك ؛ لقوله تعالى : (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [الزخرف : ٢٥] ؛ لأنهم لما خالفوا الرّسل ؛ لحرصهم على الدنيا ، ثم انقرضوا ، ولم يبق من دنياهم أثر وبقي اللعن في الدنيا ، والعقاب في الآخرة عليهم ، فرغّب الله تعالى أمّة محمد صلىاللهعليهوسلم في الإيمان بالتداخل في أحوال هؤلاء الماضين ، ليصير ذلك داعيا لهم إلى الإيمان بالله ورسله ، والإعراض عن الرياسة في طلب الدنيا والحياة.
قال الزجاج : المعنى : أهل سنن ، فحذف المضاف.
قال مجاهد : بل المراد ، سنة الله تعالى في الكافرين والمؤمنين ، فإن الدنيا لم تبق ، لا مع المؤمن ، ولا مع الكافر ، ولكن المؤمن يبقى له بعد موته الثناء الجميل في الدنيا ، والثواب الجزيل في العقبى ، والكافر يبقى اللعن عليه في الدنيا والعقاب في الآخرة.
قوله : (فَسِيرُوا) جملة معطوفة على ما قبلها ، والتسبّب في هذه الفاء ظاهر ، أي : سبب الأمر بالسير لتنظروا ـ نظر اعتبار ـ خلوّ من قبلكم من الأمم وطرائقهم.
وقال أبو البقاء : «ودخلت الفاء في «فسيروا» ؛ لأن المعنى على الشرط ، أي : إن شككتم فسيروا».
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه (١٨٧) وأشعار الشعراء الستة الجاهلين ١ / ٣٣٨ واللسان (سنن) والدر المصون ٢ / ٢١٣.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : الأكثرون.