القوم ـ مع ما أصابهم من الجراح ـ فاشتدّ ذلك على المسلمين ، فأنزل الله هذه الآية (١) ؛ دليله قوله تعالى : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) [النساء : ١٠٢].
قوله تعالى : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ)(١٤١)
قرأ الأخوان ، وأبو بكر : قرح ـ بضم القاف ـ وكذلك «القرح» معرّفا.
والباقون بالفتح فيهما (٢).
فقيل : هما بمعنى واحد ، ثم اختلف القائلون بهذا.
فقال بعضهم : المراد بهما : الجرح نفسه ، وقال بعضهم ـ منهم الأخفش ـ المراد بهما المصدر ، يقال : قرح الجرح ، يقرح ، قرحا ، وقرحا.
قال امرؤ القيس : [الطويل]
١٦٢٩ ـ وبدّلت قرحا داميا بعد صحّة |
|
لعلّ منايانا تحوّلن أبؤسا (٣) |
والفتح لغة الحجاز ، والضم لغة تميم ، فهما كالضّعف والضّعف ، والكره والكره ، والوجد والوجد.
وقال بعضهم : المفتوح : الجرح ، والمضموم : ألمه ، وهو قول الفراء.
وقرأ ابن السميفع بفتح القاف والراء ، كالطرد والطرد.
وقال أبو البقاء : «وهو مصدر قرح يقرح ، إذا صار له قرحة ، وهو بمعنى : دمي».
وقرىء قرح (٤) ـ بضمهما ـ.
قيل : وذلك على الإتباع كاليسر واليسر ، والطّنب والطّنب.
وقرأ الأعمش : «إن تمسسكم قروح» ـ بالتاء من فوق (٥) ، [وصيغة الجمع في الفاعل](٦) ، وأصل المادة : الدلالة على الخلوص ، ومنه الماء القراح ، الذي لا كدورة فيه.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٣٤) عن الزهري.
(٢) ينظر : السبعة ٢١٦ ، والكشف ١ / ٣٥٦ ، والحجة ٣ / ٧٩ ، وإعراب القراءات ١ / ١١٩ ، وحجة القراءات ١٧٤ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٦٧ ، وشرح شعلة ٣٢٢ ، والعنوان ٨١ ، وإتحاف ١ / ٤٨٨.
(٣) ينظر البيت في ديوانه (١٠٧) والهمع ١ / ١١٢ والدرر ١ / ٨٣ والدر المصون ٢ / ٢١٥ والبحر المحيط ٣ / ٦١.
(٤) ينظر : الدر المصون ٢ / ٢١٥.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ١ / ٥١١ ، والبحر المحيط ٢ / ٦٨ ، والدر المصون ٢ / ٢١٥.
(٦) في أ : بصيغة الجمع والتأنيث واضح.