قال الشاعر : [الوافر]
١٦٣٠ ـ فساغ لي الشّراب ، وكنت قبلا |
|
أكاد أغصّ بالماء القراح (١) |
وأرض قرحة ـ أي : خالصة الطين ـ ومنه قريحة الرجل ـ أي : خالص طبعه ـ.
وقال الراغب (٢) : «القرح الأثر من الجراحة من شيء يصيبه من خارج ، والقرح ـ يعني : بالضم ـ أثرها من شيء داخل ـ كالبثرة ونحوها ـ يقال : قرحته ، نحو جرحته.
قال الشاعر : [البسيط]
١٦٣١ ـ لا يسلمون قريحا حلّ وسطهم |
|
يوم اللّقاء ، ولا يشوون من قرحوا (٣) |
أي : جرحوا. وقرح : خرج به قرح.
ويقال : قرح قلبه ، وأقرحه الله ـ يعني : فعل وأفعل فيه بمعنى ـ والاقتراح : الابتداع والابتكار ومنه : اقترح عليّ فلان كذا ، واقترحت بئرا : استخرجت منها ماء قراحا. والقريحة ـ في الأصل ـ المكان الذي يجتمع فيه الماء المستنبط ـ ومنه استعيرت قريحة الإنسان ـ وفرس قارح ، إذا أصابه أثر من ظهور نابه ، والأنثى قارحة ، وروضة قرحاء ، إذا كان في وسطها نور ؛ وذلك لتشبيهها بالفرس القرحاء».
قوله : (فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ) للنحويين ـ في مثل هذا ـ تأويل ، وهو أن يقدّروا شيئا
مستقبلا ؛ لأنه لا يكون التعليق إلا في المستقبل ـ وقوله : (فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) ماض محقّق ـ وذلك التأويل هو التبيين ، أي : فقد تبيّن مسّ القرح للقوم وسيأتي له نظائر ، نحو : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ) [يوسف : ٢٦] و (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ) [يوسف : ٢٦].
وقال بعضهم : جواب الشرط محذوف ، تقديره : فتأسّوا ، ونحو ذلك.
وقال أبو حيان : «ومن زعم أن جواب الشرط هو «فقد مسّ» ، فهو ذاهل».
قال شهاب الدين (٤) : «غالب النحويين جعلوه جوابا ، متأولين له بما ذكرت».
فصل
هذا خطاب للمسلمين حين انصرفوا من أحد مع الكآبة ، يقول : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ)
__________________
(١) تقدم برقم ١٣٢.
(٢) ينظر : المفردات ١١٥.
(٣) البيت للمتنخل الهذلي ـ ينظر ديوان الهذليين ٢ / ٣٢ واللسان (قدح) وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٨٧٩ وتهذيب اللغة ٤ / ٣٧ وأمالي القالي ١ / ٥٢ والصحاح ٣ / ٣٩٥ والدر المصون ٢ / ٢١٥.
(٤) ينظر : الدر المصون ٢ / ٢١٥.