ويقال دال له الدهر بكذا ـ إذا انتقل إليه.
ويقال : دولة ، ودولة ـ بفتح الفاء وضمها ـ وقد قرىء بهما في سورة الحشر كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
واختلفوا ، هل اللفظتان بمعنى ، أو بينهما فرق.
فقال الراغب : «إنهما سيّان ، فيكون في المصدر لغتان».
وفرّق بعضهم بينهما ، واختلف هؤلاء في الفرق.
فقال بعضهم : الدّولة ـ بالفتح ـ في الحرب والجاه ، وبالضم : في المال ، وهذا تردّه القراءتان في سورة الحشر.
وقيل : بالضم اسم الشيء المتداول ، وبالفتح نفس المصدر ، وهذا قريب.
وقيل : بالضم هي المصدر ، وبالفتح الفعلة الواحدة ، فلذلك يقال : في دولة فلان ؛ لأنها مرة في الدهر.
والدّور والدّول متقاربان في المعنى ، ولكن بينهما عموم وخصوص ؛ فإن الدولة لا تقال إلا في الحظ الدنيويّ. والدّؤلول : الداهية ، والجمع الدآليل والدّؤلات.
وقرىء شاذّا : «يداولها» ـ بياء الغيبة (١) ـ وهو موافق لما قبله ، ولما بعده.
وقرأ العامة على الالتفات المفيد للتعظيم.
فصل
ومعنى مداولة الأيام بين الناس أن مسارّها لا تدوم ، وكذلك مضارّها ، فيوم يكون السرور لإنسان والغمّ لعدوه ، ويوم آخر بالعكس ، وليس المراد من هذه المداولة أن الله تعالى تارة ينصر المؤمنين ، وأخرى ينصر الكافرين ؛ لأن نصر الله منصب شريف عظيم ، فلا يليق بالكافر ، بل المراد من هذه المداولة : أنه تارة يشدّد المحنة على الكفار ، وتارة على المؤمنين ، وتشديد المحنة على المؤمن أدب له في الدنيا ، وتشديد المحنة على الكافر غضب من الله تعالى عليه.
وروي أن أبا سفيان صعد الجبل يوم أحد ، قال : أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر : هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهذا أبو بكر ، وهذا أنا عمر ، فقال أبو سفيان : يوم بيوم والأيام دول والحرب سجال ، فقال عمر : لا سواء ؛ قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار ، فقال أبو سفيان : إن كان كما تزعمون فقد خبنا ـ إذن ـ وخسرنا (٢).
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٣ / ٣ / ١٨ ، والدر المصون ٢ / ٢١٧.
(٢) ذكره الفخر الرازي في التفسير الكبير ٩ / ١٤.