وقرأ ابن عبّاس «رسل» ـ بالتنكير ـ (١).
قال أبو الفتح : ووجها أنّه موضع تيسير لأمر النبي صلىاللهعليهوسلم في أمر الحياة ومكان تسوية بينه وبين البشر في ذلك ، وكذلك يفعل في أماكن الاقتصاد ، كقوله : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ : ١٣].
وقوله : (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) [هود : ٤٠].
وقال أبو البقاء (٢) : «وهو قريب من معنى «المعرفة». كأنه يريد أن المراد بالرسل «الجنس» ، فالنكرة قريب منه بهذه الحيثية».
وقراءة الجمهور أولى ؛ لأنها تدل على تفخيم الرسل وتعظيمهم.
قال أبو علي : والرسول جاء على ضربين :
أحدهما : أن يراد به المرسل.
والآخر : الرسالة ، وهاهنا المراد منه «المرسل» ، كقوله تعالى : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) [يس : ٣] وقوله : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ) [المائدة : ٦٧] و «فعول» قد يراد به : المفعول ، كالرّكوب والحلوب لما يركب ويحلب ، والرسول بمعنى الرسالة.
كقوله : [الطويل]
١٦٤٤ ـ لقد كذب الواشون ما بحت عندهم |
|
بسرّ ، ولا أرسلتهم برسول (٣) |
فصل
قال ابن عبّاس وأصحاب المغازي : لما رأى خالد بن الوليد الرّماة يوم أحد قد اشتغلوا بالغنيمة ، ورأى ظهورهم خالية ، صاح في خيله من المشركين ، ثم حمل على أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم من خلفهم ـ ، فهزموهم ، وقتلوهم ، ورمى عبد الله بن قمئة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحجر ، فكسر أنفه ورباعيته ، وشجّ في وجهه ، فأثقله ، وتفرق عنه أصحابه ؛ ونهض رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى صخرة ليعلوها ـ وكان قد ظاهر بين درعين ـ فلم يستطع ، فجلس تحته طلحة ، فنهض حتى استوى عليها فقال صلىاللهعليهوسلم أوجب طلحة ، ووقعت هند والنسوة معها يمثّلن بالقتلى من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم يجدعن الآذان والأنوف ، حتى اتخذت هند قلائد من ذلك ، وأعطتها وحشيّا ، ونقرت عن كبد حمزة ، فلاكتها ، فلم تستسغها ، فلفظتها ، وأقبل عبد الله بن قمئة يريد قتل النبي صلىاللهعليهوسلم فذبّ مصعب بن عمير وهو صاحب
__________________
(١) ونسبها ابن عطية في المحرر ١ / ٥١٦ إلى مصحف ابن مسعود قال : وهي قراءة حطان بن عبد الله.
وينظر : البحر المحيط ٣ / ٧٤ ، وفيه أنها قراءة ابن عباس وقحطان ابن عبد الله ، فليحرر.
وينظر : الدر المصون ٢ / ٢٢١.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ١٥١.
(٣) تقدم برقم ٦٥١.