يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)(١٥٢)
صدق يتعدى لاثنين ، أحدهما بنفسه ، والآخر بالحرف ، وقد يحذف ، كهذه الآية.
والتقدير : صدقكم في وعده ، كقولهم : صدقته في الحديث وصدقته الحديث و (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ) معمول ل «صدقكم» أي : صدقكم في ذلك الوقت ، وهو وقت حسّهم ، أي : قتلهم.
وأجاز أبو البقاء أن يكون معمولا للوعد في قوله : «وعده» ـ وفيه نظر ؛ لأن الوعد متقدّم على هذا الوقت.
يقال : حسسته ، أحسّه ، وقرأ عبيد بن عمير : تحسّونهم ـ رباعيا ـ أي : أذهبتم حسّهم بالقتل.
قال أبو عبيدة ، والزّجّاج : الحسّ : الاستئصال بالقتل.
قال الشاعر : [الطويل]
١٦٥٨ ـ حسسناهم بالسّيف حسّا فأصبحت |
|
بقيّتهم قد شرّدوا وتبدّدوا (١) |
وقال جرير : [الوافر]
١٦٥٩ ـ تحسّهم السّيوف كما تسامى |
|
حريق النّار في الأجم الحصيد (٢) |
ويقال : جراد محسوس ـ إذ قتله البرد ـ والبرد محسة للنبت : ـ أي : محرقة له ، ذاهبته. وسنة حسوس : أي : جدبة ، تأكل كلّ شيء.
قال رؤية : [الرجز]
١٦٦٠ ـ إذا شكونا سنة حسوسا |
|
تأكل بعد الأخضر اليبيسا (٣) |
وأصله من الحسّ ـ الذي هو الإدراك بالحاسة ـ.
قال أبو عبيد : الحسّ : الاستئصال بالقتل واشتقاقه من الحسّ ، حسّه ـ إذا قتله ـ لأنه يبطل حسّه بالقتل ، كما يقال : بطنه ـ إذا أصاب بطنه ، ورأسه ، إذا أصاب رأسه.
و «بإذنه» متعلق بمحذوف ؛ لأنه حال من فاعل «تحسّونهم» ، أي : تقتلونهم مأذونا لكم في ذلك.
قال القرطبيّ : «ومعنى قوله : «بإذنه» أي : بعلمه ، أو بقضائه وأمره».
__________________
(١) ينظر البيت في فتح القدير ١ / ٣٨٩ والجامع لأحكام القرآن ٤ / ٢٣٥ والبحر المحيط ٣ / ٧١.
(٢) ينظر البيت في ديوانه ص ١٤٣ وفتح القدير ١ / ٣٨٩ والجامع لأحكام القرآن ٤ / ٢٣٥.
(٣) ينظر البيت في ديوانه ص ٧٢ ومجاز القرآن ١ / ١٠٥ واللسان (حسس) وقفة اللغة وسر العربية ص ٦٩ والجامع لأحكام القرآن ٥ / ٢٣٥ والسيرة النبوية ٢ / ١١٤.