باب : رجل عدل حيث جعلت نفس المصدر مبالغة. والشهوة : ميل النفس ، وتجمع على شهوات ـ كالآية الكريمة ـ وعلى شهى ـ كغرف ـ.
قالت امرأة من بني نصر بن معاوية : [الطويل]
١٣٥٩ ـ فلولا الشّهى ـ والله ـ كنت جديرة |
|
بأن أترك اللّذات في كلّ مشهد (١) |
قال النحويون : لا تجمع فعلة ـ المعتلة اللام يعنون بفتح الفاء وسكون العين على فعل إلا ثلاثة ألفاظ : قرية وقرى ، ونزوة ونزى ، وكوّة ـ عند من فتح الكاف ـ وكوى.
واستدرك أبو حيّان : «واستدركت ـ أنا ـ شهى ، وأنشد البيت».
وقال الراغب (٢) : «.... وقد يسمّى المشتهى ، شهوة ، وقد يقال للقوّة التي بها يشتهى الشيء : شهوة ، وقوله تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ) يحتمل الشهوتين».
قال الزمخشريّ : وفي تسميتها بهذا الاسم فائدتان :
إحداهما : أنه جعل الأعيان التي ذكرها شهوات ؛ مبالغة في كونها مشتهاة ، محروصا على الاستمتاع بها.
الثانية : أن الشهوة صفة مسترذلة عند الحكماء ، مذموم من اتبعها ، شاهد على نفسه بالبهيمية ، فكأن المقصود من ذكر هذا اللفظ التنفير منها.
فصل
وجه النظم : أنا روينا أن أبا حارثة بن علقمة النصراني قال لأخيه : إنه يعرف صدق محمد فيما جاء به ، إلا أنه لا يقرّ بذلك ؛ خوفا من أن يأخذ ملك الروم منه المال والجاه ، وأيضا روينا أن النبي ـ عليهالسلام ـ لما دعا اليهود إلى الإسلام ـ بعد غزوة بدر ـ أظهروا من أنفسهم القوة والشدة ، والاستظهار والسلاح ، فبين ـ تعالى ـ في هذه الآية أن هذه الأشياء وغيرها ـ من متاع الدنيا ـ زائلة ، باطلة ، وأن الآخرة خير وأبقى.
فصل
قال المتكلمون : دلت هذه الآية على أن الحبّ غير الشهوة ؛ لأنه أضافه إليها ، والمضاف غير المضاف إليه ، والشهوة فعل الله تعالى ، والمحبة فعل العبد.
قالت الحكماء : الإنسان قد يحب شيئا ، ولكنه يحب ألا يحبه ، كالمسلم قد يميل طبعه إلى بعض المحرمات ، لكنه يحب ألا يحبه ، وأما من أحب شيئا ، وأحب أن يحبه ،
__________________
(١) ينظر الأشباه والنظائر ٥ / ٢٨ وتذكرة النحاة ص ٦٢ وتاج العروس (شهى) والبحر المحيط ٢ / ٤٠٩ والدر المصون ٢ / ٣٢.
(٢) ينظر : المفردات ٢٧٧.