وهو مذكر ولا يؤنث ، تقول : هذا نعم وارد ، وهو جمع ، لا واحد له من لفظه.
وقال ابن قتيبة : «الأنعام : الإبل والبقر والغنم ، واحده : نعم وهو جمع لا واحد له من لفظه» ، سميت بذلك ؛ لنعومة مشيها ولينها ، وعلى الجملة فالاشتقاق في أسماء الأجناس قليل جدّا.
قوله : «والحرث» ، الحرث تقدم تفسيره وهو ـ هنا ـ مصدر واقع موقع المفعول به ، فلذلك وحّد ، ولم يجمع كما جمعت أخواته ، ويجوز إدغام الثاء في الذال ، وإن كان بعض الناس ضعفه : بأنه يلزم الجمع بين ساكنين ، والأول ليس حرف لين ، قال : بخلاف «يلهث ذلك» حيث أدغم الثاء في الذال ؛ لانتفاء التقاء الساكنين ، إذ الهاء قبل الثاء متحركة.
فصل
الحرث هنا اسم لكل ما يحرث. تقول : حرث الرجل حرثا إذا أثار الأرض بمعنى الفلاحة ، ويقال : حرث وفي الحديث : «احرثوا هذا القرآن أي : فتشوه» قال ابن الأعرابي الحرث : التفتيش ، وفي الحديث أصدق الأسماء الحارث ، لأن الحارث هو الكاسب ، واحترس المال كسبه ، والمحراث مسعر النار والحراث مجرى الوتر في القوس ، والجمع : أحرثة ، وأحرث الرجل ناقته أهزلها. وقد تضمنت هذه الآية الكريمة أنواعا من الفصاحة والبلاغة ، منها : الإتيان بها مجملة ، ومنها جعله لها نفس الشهوات ؛ مبالغة في التنفير عنها ، ومنها : البداءة بالأهم ، فالأهم ، فذكر ـ أولا ـ النساء لأنهن أكثر امتزاجا ، ومخالطة بالإنسان ، وهن حبائل الشيطان ، قال ـ عليهالسلام ـ : «ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرّجال من النساء» ، وقال : «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للبّ الرّجل الحليم منكنّ» ، ويروى : الحازم منكن.
وقيل : فيهن فتنتان ، وفي البنين فتنة واحدة ؛ لأنهن يقطعن الأرحام والصلات بين الأهل ـ غالبا ـ ، وهن سبب في جمع المال من حلال وحرام ـ غالبا ـ ، والأولاد يجمع لأجلهم المال ، فلذلك ثنى بالبنين ، وفي الحديث : «الولد مبخلة مجبنة» (١) ، ولأنهم
__________________
(١) أخرجه أحمد (٤ / ١٧٢) والبيهقي (١٠ / ٢٠٢) والحاكم (٣ / ١٦٤) وابن أبي شيبة (١٢ / ٩٧) والرامهرمزي في «الأمثال» كما في «كنز العمال» (٣٧٦٦٥) عن يعلى بن مرة العامري. وله شاهد من حديث أبي سعيد أخرجه أبو يعلى (٢ / ٣٠٥) رقم (١٠٣٢) والبزار (١٨٩٢) وذكره الهيثمي في «المجمع» (٨ / ١٥٥) وقال : وفيه عطية العوفي وهو ضعيف.
وله شاهد آخر عن الأسود بن خلف ، أخرجه البزار (١٨٩١ ـ كشف).
وقال الهيثمي (٨ / ١٥٥) ورجاله ثقات.
قال المناوي في «فيض القدير» (٦ / ٣٧٨) مجبنة مبخلة محزنة أي يجبن أباه عن الجهاد خشية ضيعته وعن الإنفاق في الطاعة خوف فقره فكأنه أشار إلى التحذير من النكول عن الجهاد والنفقة بسبب الأولاد بل يكتفي بحسن خلافة الله فيقدم ولا يحجم فمن طلب الولد للهوى عصى مولاه ودخل في قوله تعالى ـ