فصل
اعلم أن النعمة ـ وإن عظمت ـ لن تكمل إلا بالأزواج اللواتي لا يحصل الأنس إلّا بهنّ وقد وصفهن بصفة واحدة جامعة لكل مطلوب ، فقال : «مطهّرة» فيدخل في ذلك الطهارة من الحيض والنفاس والأخلاق الدنيئة ، والقبح ، وتشويه الخلقة ، وسوء العشرة ، وسائر ما ينفر عنه الطبع.
قوله : «ورضوان» فيه لغتان :
ضم الراء ، وهي لغة تميم وقيس ، وبها قرأ عاصم (١) في جميع القرآن إلا في الثانية من سورة المائدة وهي (مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ) [المائدة : ١٦] ، فبعضهم نقل عنه الجزم بكسرها ، وبعضهم نقل عنه الخلاف فيها خاصة.
والكسر ، وهو لغة الحجاز ، وبها قرأ الباقون (٢) ـ وهل هما بمعنى واحد ، أو بينهما فرق؟
قولان :
أحدهما : أنهما مصدران بمعنى واحد ـ كالعدوان.
قال الفرّاء : «رضيت رضا ، ورضوانا ورضوانا ، ومثل الرّضوان ـ بالكسر ـ الحرمان ، وبالضم الطّغيان ، والرّجحان ، والكفران ، والشّكران».
الثاني : أن المكسور اسم ، ومنه رضوان : خازن الجنة صلّى الله على نبينا وعلى أنبيائه وملائكته. والمضموم هو المصدر ، و «من الله» صفة ل «رضوان».
فصل
روى أبو سعيد الخدري أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله يقول لأهل الجنّة يا أهل الجنّة ، فيقولون : لبّيك وسعديك ، والخير في يديك ، فيقول : هل رضيتم؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟ فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون : يا ربّ ، وأيّ شيء أفضل من ذلك؟ فيقول : أحلّ عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا»(٣).
__________________
(١) في رواية أبي بكر عنه.
انظر : الكشف ١ / ٣٣٧ ، والسبعة ٢٠٢ ، والحجة ٣ / ٢١ ، والعنوان ٧٨ وحجة القراءات ١٥٧ ، وشرح الطيبة ٤ / ١٤٨ ، وإعراب القراءات ١ / ١٠٨ ، وشرح شعلة ٣٠٩ ، وإتحاف ١ / ٤٧٢.
(٢) ينظر القراءة السابقة.
(٣) أخرجه البخاري (٩ / ٢١٩) كتاب التوحيد باب : كلام الرب عزوجل مع أهل الجنة رقم (٧٥١٨) ومسلم كتاب الجنة رقم (٩) والترمذي (٢٥٥٢) وأحمد (٣ / ٨٨) والطبري (١٠ / ١٢٦) والبغوي في «تفسيره» (١ / ٣٢٧) وأبو نعيم في «الحلية» (٦ / ١٣٨).