وقدّر بعضهم مضافا فرارا من ذلك فقال : تقديره : «وربّ الأرحام».
قال أبو البقاء (١) : «وهذا قد أغنى عنه ما قبله» يعني : الحلف بالله تعالى.
ويمكن الجواب عن هذا بأن لله تعالى أن يقسم بما يشاء من مخلوقاته [كما أقسم](٢) بالشمس والنجم والليل ، وإن كنا نحن منهيين عن ذلك ، إلا أنّ المقصود من حيث المعنى ، ليس على القسم ، فالأولى حمل هذه القراءات على العطف على الضمير ، ولا التفات إلى طعن من طعن فيها.
وأجاب آخرون (٣) بأن هذا حكاية عن فعل كانوا يفعلونه في الجاهلية ؛ لأنهم كانوا يقولون: أسألك بالله وبالرحم ، فمجيء هذا الفعل عنهم في الماضي لا ينافي ورود النهي عنه في المستقبل ، وأيضا فالنهي ورد عن الحلف بالآباء فقط ، وهاهنا ليس كذلك ، بل هو حلف بالله أولا ، ثمّ قرن به بعد ذكر الرحم ، وهذا لا ينافي مدلول الحديث.
أيضا فحمزة أحد القراء السبعة ، الظاهر أنه لم يأت بهذه القراءة من عند نفسه ، بل رواها عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذلك يوجب القطع بصحة هذه اللغة ، ولا التفات إلى أقيسة النحاة عند وجود السماع ، وأيضا فلهذه القراءة وجهان :
أحدهما : ما تقدم من تقدير تكرير الجار ، وإن لم يجزه البصريون فقد أجازه غيرهم.
والثاني : فقد ورد في الشعر وأنشد سيبويه : [البسيط]
١٧٢٧ ـ فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فما بك والأيّام من عجب (٤) |
وقال الآخر [الطويل]
١٧٢٨ ـ تعلّق في مثل السّواري سيوفنا |
|
وما بينها والكعب غوط نفانف (٥) |
وقال آخر [الوافر]
١٧٢٩ ـ أكرّ على الكتيبة لا أبالي |
|
أفيها كان حتفي أم سواها (٦) |
__________________
ـ وأخرجه الترمذي (١ / ٢٩٠) وأبو داود (٣٢٥١) وابن حبان (١١٧٧ ـ موارد) والحاكم (٤ / ٢٩٧) والبيهقي (١٠ / ٢٩) والطيالسي (١٨٩٦) وأحمد (٢ / ٣٤ ، ٦٧ ، ٦٩ ، ٨٦ ، ١٢٥) من طرق عن سعد بن عبيدة عن ابن عمر مرفوعا.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن.
وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وقد أعله البيهقي بالانقطاع فقال عقبه : وهذا مما لم يسمعه سعد بن عبيدة من ابن عمر.
(١) ينظر : إملاء ما منّ به الرحمن ١ / ١٨٢ ، الدر المصون ٢ / ٢٩٧.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ٩ / ١٣٤.
(٤) تقدم برقم ١٠٦٢.
(٥) تقدم برقم ١٠٥٥.
(٦) تقدم برقم ٨٨٤.