وحمزة بالرتبة السّنيّة المانعة له من نقل قراءة ضعيفة (١).
قال ابن الخطيب (٢) : «والعجب من هؤلاء [النحاة](٣) أنهم يستحسنون إثبات هذه اللغة بهذين البيتين المجهولين ، ولا يستحسنوها بقراءة حمزة ومجاهد ، مع أنهما كانا من أكابر (٤) علماء السلف في علم القرآن».
وقرأ عبد الله (٥) أيضا «والأرحام» رفعا على الابتداء ، والخبر محذوف فقدّره ابن عطية (٦) : أهل أن توصل ، وقدّره الزمخشري (٧) : «والأرحام ممّا يتقى» أو «مما يتساءل به».
وهذا أحسن للدلالة اللفظية ، والمعنوية ، بخلاف الأول فإنّه للدلالة المعنوية فقط ، وقدّره أبو البقاء (٨) : والأرحام محترمة ، أي : واجب حرمتها.
فإن قيل : ما فائدة هذا التكرير في قوله أولا : «اتقوا الله الذي خلقكم». ثم قال بعده : (وَاتَّقُوا اللهَ).
فالجواب فائدته من وجوه :
الأول : فائدته تأكيد الأمر والحث عليه.
والثاني : أن الأمر الأول عامّ في التقوى بناء على الترتيب. والأمر الثاني خاص فيما يلتمس البعض من البعض ، ويقع التساؤل به.
الثالث : قوله أولا (اتَّقُوا رَبَّكُمُ) ولفظ «الرّبّ» يدلّ على التربية والإحسان ، وقوله ثانيا (وَاتَّقُوا اللهَ) ولفظ «الإله» يدل على الغلبة والقهر ، فالأمر الأول بالتقوى بناء على الترغيب ، والأمر الثاني يدل على الترهيب ، فكأنّه قيل : اتق الله إنه ربّاك ، وأحسن إليك ، واتق مخالفته ؛ لأنه شديد العقاب عظيم السطوة.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً).
جار مجرى التعليل والرقيب : فعيل للمبالغة من رقب يرقب رقبا ، ورقوبا ، ورقبانا
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٢ / ٢٩٧.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ٩ / ١٣٤.
(٣) سقط في أ.
(٤) في أ : أكبر.
(٥) «عبد الله» عند الإطلاق هو ابن مسعود الصحابي ، وقد وهم المصنف هنا ، فذكره مطلقا ، وليس كذلك ، فقد سماه ابن عطية في المحرر (٢ / ٤) «عبد الله بن يزيد» ، فليحرر.
وانظر : البحر المحيط ٣ / ١٩٥ ، والدر المصون ٢ / ٢٩٧.
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤ ، الدر المصون ٢ / ٢٩٧.
(٧) ينظر : الكشاف ١ / ٤٦٢ ، الدر المصون الموضع السابق.
(٨) ينظر : الإملاء ٢ / ١٨٢.