رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأسماء وقد سألته : أأصل أمّي؟ : «صلي أمّك» (١) فأمرها بصلتها وهي كافرة فلتأكيدها دخل الفضل في صلة الكافرة حتى انتهى الحال بأبي حنيفة وأصحابه ومن وافقهم إلى توارث ذوي الأرحام ، إذا لم يكن عصبة ، ولا ذو فرض ويعتقون على من اشتراهم من ذوي رحمهم لحرمة الرّحم ، ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام «من ملك ذا رحم محرم فهو حرّ» (٢) وهذا قول أكثر أهل العلم ، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما ولا يعرف لهما من الصحابة مخالف (٣).
فصل
واختلفوا في ذوي المحارم من الرّضاعة ، فقال أكثر أهل العلم : لا يدخلون في مقتضى الحديث.
وقال شريك القاضي : يعتقون.
وذهب أهل الظاهر وبعض المتكلمين إلى أن الأب [لا](٤) يعتق على الابن إذا ملكه(٥).
__________________
(١) أخرجه البخاري (٣ / ٣٢٥) كتاب الهبة باب الهدية للمشركين (٢٦٢٠) ، (٨ / ٦) كتاب الأدب باب صلة المرأة أمها ... تعليقا (٥٩٧٩) ومسلم (٢٩٦) وأحمد (٦ / ٣٤٤ ، ٣٤٧) وعبد الرزاق (٩٩٣٢ ـ ١٩٤٣٠) وأبو داود (١ / ٥٢٣) كتاب الزكاة باب الصدقة على أهل الذمة (١٦٦٨).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٩٤٩) والترمذي (١ / ٢٥٥) رقم (١٣٦٥) وابن ماجه (٢٥٢٤ ، ٢٥٢٥) وابن الجارود في «المنتقى» (٩٧٣) والحاكم (٢ / ٢١٤) والبيهقي (١ / ٢٨٩) والطيالسي (٩١٠) والبغوي في «شرح السنة» (٩ / ٣٦٤) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣ / ١٠٩ ، ١١٠) من طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا وقال الترمذي : لا نعرفه مسندا إلا من حديث حماد بن سلمة وقد روى بعضهم هذا الحديث عن قتادة عن الحسن عن عمر شيئا من هذا وقال الحاكم : صحيح ووافقه الذهبي.
وللحديث شاهد عن ابن عمر :
أخرجه الحاكم (٢ / ٢١٤) وابن ماجه (٢٥٢٥) وابن الجارود (٩٧٢) وذكره الترمذي معلقا (١ / ٢٥٦) من طريق ضمرة بن ربيعة عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعا.
(٣) ينظر القرطبي ٥ / ٦.
(٤) زيادة من القرطبي.
(٥) وتكملة كلام القرطبي ٥ / ٧ :
واحتجّوا بقوله عليهالسلام : (لا يجزي ولد والدا إلّا أن يجده مملوكا ، فيشتريه فيعتقه). قالوا : فإذا صحّ الشراء ، فقد ثبت الملك ، ولصاحب الملك التصرف ، وهذا جهل منهم بمقاصد الشرع ؛ فإن الله تعالى يقول : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)[الإسراء : ٢٣] فقد قرن بين عبادته وبين الإحسان للوالدين في الوجوب ، وليس من الإحسان أن يبقي والده في ملكه وتحت سلطانه ؛ فإذا يجب عليه عتقه ، إما لأجل الملك عملا بالحديث (فيشتريه فيعتقه) ، أو لأجل الإحسان عملا بالآية ، ومعنى الحديث عند الجمهور : أنّ الولد لما تسبب إلى عتق أبيه باشترائه ، نسب الشرع العتق إليه نسبة الإيقاع منه ، وأما اختلاف العلماء فيمن يعتق بالملك ؛ فوجه القول الأول ما ذكرناه من معنى الكتاب والسنة ، ووجه ـ