الثالث : أن يكون صديقه فيأخذ منه نعجة عجفاء (١) مكان سمينة من مال الصبي.
الرابع : معناه لا تأكلوا مال اليتيم سلفا مع التزام بدله بعد ذلك.
فصل
قال أبو العباس المقرىء : ورد لفظ «الطيّب» في القرآن على أربعة أوجه :
الأول : الحلال كهذه الآية.
الثاني : بمعنى الظّاهر كقوله تعالى : (صَعِيداً طَيِّباً) [النساء : ٤٣] أي : ظاهرا.
الثالث : بمعنى الحسن قال تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر : ١٠] أي : الحسن ، ومثله (وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) [النور : ٢٦] أي : الكلام الحسن للمؤمنين.
الرابع : الطيّب : المؤمن قال تعالى : (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران : ١٧٩] يعني : الكافر من المؤمن.
قوله : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) في قوله ثلاثة أوجه :
أحدها : أن «إلى» بمعنى «مع» كقوله : (إِلَى الْمَرافِقِ) [المائدة : ٦] ، وهذا رأي الكوفيين.
الثاني : أنها على بابها وهي ومجرورها (٢) متعلّقة بمحذوف على أنّها حال ، أي : مضمومة ، أو مضافة إلى أموالكم.
الثالث : أن يضمّن «تأكلوا» بمعنى «تضموا» كأنه قيل : ولا تضمّوها إلى أموالكم آكلين.
قال الزمخشريّ (٣) : «فإن قلت : قد حرّم عليهم أكل مال (٤) اليتامى ، فدخل فيه أكله وحده ومع أموالهم ، فلم ورد النهي عن أكلها معها؟.
قلت : «لأنهم إذا كانوا مستغنين عن أموال اليتامى بما رزقهم الله ـ تعالى ـ من الحلال ، وهم مع ذلك يطعمون منها ، كان القبح أبلغ والذمّ ألحق ، ولأنهم كانوا يفعلون كذلك فنعى عليهم فعلهم ، وشنّع بهم ليكون أزجر لهم».
واعلم أنه تعالى ، وإن ذكر الأكل ، فالمراد به سائر التصرفات المملكة للمال ، وإنما
__________________
(١) العجفاء وهي المهزولة من الغنم وغيرها.
ينظر : النهاية في غريب الحديث والأثر ٣ / ١٨٦.
(٢) في ب : مجرور هنا وهو تحريف.
(٣) ينظر : الكشاف ١ / ٤٦٦.
(٤) في ب : أموال.