وقال آخر [الوافر]
١٧٣٦ ـ وإنّ مهاجرين تكنّفاه |
|
غداتئذ لقد خطئا وحابا (١) |
والحوبة : المرة الواحدة ، والحوبة : الحاجة ، ومنه في الدعاء «إليك أرفع حوبتي» ، وأوقع الله الحوبة ، و «تحوّب فلان» إذا خرج من الحوب كتحرّج وتأثّم ، والتضعيف للسّلب ، و «الحوأب» بهمزة بعد الواو المكان الواسع والحوب الحاجة ، يقال : ألحق الله به الحوبة أي : [المسألة](٢) والحاجة ، والمسكنة ومنه قولهم بات بحيبة سوء ، وأصل الياء الواو ، وتحوّب فلان أي: تعبد وألقى الحوب عن نفسه ، والتحوّب أيضا التحزّن ، وهو أيضا الصياح الشديد كالزّجر.
قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا)(٣)
قوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ) شرط ، وفي جوابه وجهان :
أحدهما : أنه قوله : (فَانْكِحُوا) وذلك أنهم كانوا يتزوجون الثمان ، والعشر ، ولا يقومون بحقوقهن ، فلمّا نزلت (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ) أخذوا يتحرّجون من ولاية اليتامى ، فقيل لهم : إن خفتم من الجور في حقوق اليتامى فخافوا أيضا من الجور في حقوق النساء ، فانكحوا هذا العدد ؛ لأنّ الكثرة تفضي إلى الجور ، ولا تنفع التوبة من ذنب مع ارتكاب مثله.
والثاني : أن جوابه قوله : «فواحدة» ، والمعنى أنّ الرجل منهم كان يتزوج اليتيمة التي في ولايته ، فلما نزلت الآية المتضمنة للوعيد على أكل مال اليتيم تحرّجوا من ذلك ، فقيل لهم : إن خفتم من نكاح النساء اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من [النساء مثنى وثلاث ورباع من](٣) الأجنبيات أي : اللاتي لسن تحت ولايتكم ، فعلى هذا يحتاج إلى تقدير مضاف ، أي : في نكاح يتامى النساء.
فإن قيل : «فواحدة» جواب لقوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) فكيف يكون جوابا للأول ؛ فالجواب : أنّه أعاد الشرط الثاني لأنه كالأول في المعنى ، لما طال الفصل بين الأول وجوابه (٤) وفيه نظر لا يخفى. والخوف هنا على بابه فالمراد به الحذر.
وقال أبو عبيدة إنه بمعنى اليقين وأنشد الشاعر : [الطويل]
١٧٣٧ ـ فقلت لهم خافوا بألفي مدجّج |
|
سراتهم في الفارسي المسرّد (٥) |
__________________
(١) البيت لأمية بن الأسكر ينظر الخزانة ٢ / ٤٠٥ والبحر ٣ / ١٥٩ والدر المصون ٢ / ٢٩٨.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ب.
(٤) في ب : زيادة «أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ».
(٥) تقدم برقم ٤٥٨.