وعن الشعبي : أن امرأة جاءت مع زوجها إلى شريح في عطيّة أعطتها إيّاه ، وهي تطلب الرجوع ، فقال شريح : ردّ عليها (١) ، فقال الرجل : أليس قد قال الله تعالى (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ ،) فقال : لو طابت نفسها عنه ما رجعت فيه (٢).
وروي عنه أيضا : أقيلها فيما وهبت ولا أقيله ؛ لأنهن يخدعن (٣).
وروي أنّ رجلا من آل أبي معيط أعطته امرأته ألف دينار صداقا كان لها عليه ، فلبثت شهرا ثم طلقها ، فخاصمته إلى عبد الملك بن مروان ، فقال الرّجل : أعطتني طيبة به نفسها ، فقال عبد الملك : فإن (٤) الآية التي بعدها (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) [النساء : ٢٠] اردد عليها (٥).
وعن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه كتب إلى قضاته : إن النساء يعطين رغبة ورهبة ، وأيّما امرأة أعطته ثم أرادت أن ترجع فذلك لها (٦).
قوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً)(٥)
أصل تؤتوا تؤتيوا مثل : تكرموا فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة ، فالتقى ساكنان : الياء وواو الضمير فحذفت الياء لئلا يلتقي ساكنان.
والسّفهاء جمع : سفيه ، وعن مجاهد : «المراد بالسّفهاء» النّساء من كنّ أزواجا ، أو بنات ، أو أمهات ، وضعّفه بعضهم بأنّ فعيلة إنّما تجمع على فعائل أو فعيلات ، قاله [أبو البقاء](٧) وابن عطية ، وقد نقل بعضهم أنّ سفيهة تجمع : على «سفهاء» كالمذكّر ، وعلى هذا لا يضعف قول مجاهد. وجمع فعيلة الصّفة على فعلاء وإن كان نادرا ، إلّا أنّه قد نقل في هذا اللّفظ خصوصا ، وتخصيص ابن عطية جمع فعيلة بفعائل ، أو فعيلات ليس بظاهر ، لأنّها يطّرد فيها أيضا «فعال» نحو : كريمة ، وكرام ، وظريفة ، وظراف ، وكذلك إطلاقه فعيلة ، وكان من حقّه أن يقيّدها بألّا تكون بمعنى : مفعولة ، تحرّزا من قتيلة فإنّها لا تجمع على فعائل.
والجمهور قرؤوا (الّتي) بلفظ الإفراد صفة للأموال ، وإن كانت جمعا ؛ لأنّه تقدّم أنّ جمع ما لا يعقل من الكثرة ، أو لم يكن له إلا جمع واحد ، الأحسن فيه أن يعامل معاملة الواحدة المؤنّثة ، والأموال من هذا القبيل ، لأنّها جمع ما لا يعقل ، ولم تجمع إلّا على أفعال ، وإن كانت بلفظ القلّة ؛ لأن المراد بها الكثرة.
__________________
(١) في ب : فقال شريح للرجل رد عليها.
(٢) ينظر : الرازي ٩ / ١٤٩.
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) في ب : قاتل.
(٥) ينظر : تفسير الرازي ٩ / ١٤٩.
(٦) ينظر : المصدر السابق.
(٧) سقط في ب.