أصحابه (١) : إنّ فعل السّفيه وأمره كلّه جائز ، حتى يحجر عليه الإمام ، وهو مذهب الشّافعيّ وأبي يوسف.
وقال ابن القاسم (٢) : أفعاله غير جائزة ، وإن لم يضرب الإمام على يده.
فصل : في الحجر على الكبير
واختلفوا في الحجر على الكبير ، فقال مالك وجمهور الفقهاء : يحجر عليه.
وقال أبو حنيفة : لا يحجر على من بلغ عاقلا إلا أن يكون مفسدا لماله ، فإذا كان كذلك منع من تسليمهم المال إليه حتى يبلغ [خمسا وعشرين سنة ، فإذا بلغها](٣) ، سلّم إليه المال بكل حال ، سواء كان مفسدا ، أو غير مفسد ؛ لأنّه يحبل منه لاثنتي عشرة سنة ، ثم يولد له لستّة أشهر فيصير جدّا وأبا (٤) ، وأنا أستحي أن أحجر على من يصلح أن يكون جدّا (٥).
فصل في الخطاب في الآية
في هذا الخطاب قولان :
الأوّل : أنّه خطاب الأولياء بأن يؤتوا السّفهاء الذين تحت ولايتهم أموالهم لقوله تعالى : (وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ) [النساء : ٥] وبه يصلح نظم الآية مع ما قبلها.
فإن قيل : فكان ينبغي على هذا أن يقال : ولا تؤتوا السّفهاء أموالهم.
فالجواب من وجهين :
أحدهما : أنّه تعالى أضاف المال إليهم ، لا لأنّهم ملكوه ، لكن من حيث ملكوا التصرف فيه ، ويكفي في الإضافة الملابسة بأدنى سبب.
وثانيهما : إنّما حسنت هذه الإضافة إجراءا للوحدة (٦) بالنّوع مجرى الوحدة بالشخص كقوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [التوبة : ١٢٨](فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) [النساء : ٢٥](فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)(٧) [البقرة : ٥٤] وقوله : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) [البقرة : ٨٥] ومعلوم أنّ الرّجل منهم ما كان يقتل نفسه ، وإنّما كان يقتل بعضهم بعضا ، وكان الكلّ من نوع واحد ، فكذا هاهنا لما كان المال (٨) ينتفع به نوع الإنسان ، ويحتاج إليه ، فلأجل هذه الوحدة النّوعيّة حسنت إضافة أموال السّفهاء إلى الأولياء.
__________________
(١) في ب : أصحابه.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٢١.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : فأنا.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٢٢.
(٦) في أ : الموحدة.
(٧) في أ : فقتلوا.
(٨) في ب : الرجل.