فيدفع الولي إليه شيئا كبيرا من المال ، وينظر في تصرّفه ، وإن كان ممّن لا يتصرف فيختبره في نفقة داره ، والإنفاق على عبيده وأجرائه وتختبر المرأة (١) في أمر بيتها وحفظ متاعها وغزلها واستغزالها فإذا رأى حسن تصرّفه وتدبيره مرارا حيث يغلب على الظن رشده دفع إليه المال.
فصل فيما إذا عاد إلى السّفه بعد أخذ المال
قال القرطبيّ (٢) : «إذا سلّم إليه المال لوجود الرشد ، ثم عاد إلى السّفه عاد الحجر عليه».
وقال أبو حنيفة : لا يعود عليه الحجر ؛ لأنّه بالغ عاقل ، يجوز إقراره في الحدود والقصاص. دليلنا قوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ).
ويجوز للوصيّ أن يصنع في مال اليتيم ما كان للأب أن يصنعه من تجارة وإبضاع وشراء وبيع ، وعليه أن يؤدّي الزّكاة من سائر أمواله عين وحرث (٣) وماشية وفطرة ، ويؤدّي عنه أروش الجنايات ، وقيم المتلفات ، ونفقة الوالدين ، وسائر الحقوق اللازمة ، ويجوز أن يزوجه ، ويؤدّي عنه الصداق ، ويشتري له جارية يتسرّى بها ، ويصالح له وعليه على وجه النّظر.
فصل المراد من بلوغ النكاح
والمراد من بلوغ النّكاح هو الاحتلام ، لقوله تعالى : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ) [النور : ٥٩] وعند هذا الحدّ يجري على صاحبه قلم التّكليف ، وإنّما سمي الاحتلام بلوغ النّكاح ، لأنّه إنزال الماء الدّافق الذي يكون في الجماع ، وهذه الآية دالّة على ورود لفظ النّكاح بمعنى الجماع.
واعلم أن للبلوغ خمس علامات ثلاثة منها مشتركة بين الذكور والإناث وهي : الاحتلام ، والسنّ المخصوص ، ونبات الشّعر الخشن على العانة.
وقيل : إنبات الشّعر (٤) الخشن (٥) بلوغ في أولاد المشركين ، ولا يكون لأولاد المسلمين ؛ لأن أولاد المسلمين يمكن الوقوف على مواليدهم بالرّجوع إلى آبائهم ، وأولاد الكفار لا يوقف على مواليدهم ، ولا يقبل قول آبائهم فيه لكفرهم ، فجعل الإنبات الذي هو أمارة البلوغ بلوغا في حقّهم.
واثنان منها تختّص بالنّساء وهما : الحيض والحبل.
__________________
(١) في أ : ويختبر المولى.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٢٧.
(٣) في أ : وجوب.
(٤) في ب : العانة.
(٥) في ب : الخشن.