كائن أو مستقر ، ويجوز أن يكون في محلّ نصب متعلقا بلفظ «نصيب» لأنه من تمامه. وقوله (مِمَّا قَلَ) [و](١) في هذا الجارّ أيضا وجهان :
أحدهما : أنه بدل من «ما» الأخيرة (٢) في «مما ترك» بإعادة حرف الجرّ في البدل ، والضمير (٣) في «منه» عائد على «ما» الأخيرة ، وهذا البدل مراد أيضا في الجملة الأولى حذف للدلالة عليه ، ولأن المقصود بذلك التأكيد ؛ لأنه تفصيل للعموم المفهوم من قوله (مِمَّا تَرَكَ) فجاء هذا البدل مفصّلا لحالتيه من الكثرة والقلّة.
والثاني : أنه حال من الضّمير المحذوف من «ترك» أي : مما تركه قليلا ، أو كثيرا ، أو مستقرا مما قلّ.
فصل
قال القرطبيّ (٤) : استدلّ علماؤنا بهذه الآية على قسم المتروك (٥) على الفرائض ، فإن كانت القسمة لغير المتروك عن حاله كالحمام الصّغير ، والدّار التي تبطل منافعها بإقرار أهل السهام فيها فقال مالك (٦) : يقسم ذلك ، وإن لم ينتفع أحدهم بنصيبه لقوله (٧) تعالى (مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) [النساء : ٧] وبه قال الشّافعيّ وأبو حنيفة (٨).
قال أبو حنيفة : في الدّار الصّغيرة يكون بين اثنين فطلب أحدهما القسمة ، وأبى صاحبه قسمت له.
وقال ابن أبي ليلى : إن كان فيهم من لا ينتفع بقسمه ، فلا يقسم ، وكل قسم يدخل فيه الضّرر على أحدهما (٩) دون الآخر فإنّه لا يقسم ، وهو قول أبي ثور.
وقال ابن المنذر : وهو أصحّ القولين (١٠).
قوله : (نَصِيباً مَفْرُوضاً) فيه أوجه :
أحدها : أن «نصيبا» ينتصب على أنّه واقع موقع المصدر ، والعامل فيه معنى ما تقدّم إذ التّقدير عطاء أو استحقاقا ، وهذا معنى قول من يقول منصوب على المصدر المؤكد.
قال الزّمخشريّ : كقوله (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) [النساء : ١١] كأنه قيل : قسمة مفروضة ، وقد سبقه الفرّاء إلى هذا ، قال : نصب ؛ لأنه أخرج مخرج المصدر ؛ ولذلك وحّده كقولك : له عليّ كذا حقّا لازما ، ونحوه (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ ،) ولو كان اسما صحيحا لم ينصب ، لا تقول : لك عليّ حق درهما.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : الآخرة.
(٣) في أ : والضم.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٣٢.
(٥) في أ : التركة.
(٦) في أ : ذلك.
(٧) في أ : كقوله.
(٨) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٣٢.
(٩) في أ : أحدهم.
(١٠) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٣٢.