الثاني : أنّه منصوب على الحال ويحتمل أن يكون صاحب الحال الفاعل في «قلّ» ، أو «كثر» ، ويحتمل أن يكون «نصيب» ، وإن كان نكرة لتخصّصه إمّا بالوصف ، وإمّا بالعمل والعامل في الحال الاستقرار الّذي في قوله : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) ، وإلى نصبه حالا ذهب الزّجّاج ومكيّ قالا : المعنى لهؤلاء أنصباء على ما ذكرناها في حال الفرض.
الثالث : أنّه منصوب على الاختصاص بمعنى : أعني نصيبا ، قاله الزّمخشريّ.
قال أبو حيّان : إن عنى الاختصاص المصطلح عليه فهو مردود بكونه نكرة ، وقد نصّوا على اشتراط تعريفه.
الرابع : النصب بإضمار فعل أي : أوجبت أو جعلت لهم نصيبا.
الخامس : أنه مصدر صريح أي نصبته نصيبا.
فصل دلالة الآية على توريث ذوي الأرحام
قال أبو بكر الرازي : هذه الآية تدلّ على توريث (١) ذوي الأرحام : لأنّ العمّات والأخوال ، والخالات ، وأولاد النبات من الأقربين ، فوجب دخولهم تحت قوله (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) أقصى ما في الباب أنّ قدر ذلك النصيب غير مذكور في هذه الآية إلّا (٢) أنّا نثبت كونهم مستحقين لأصل النّصيب بهذه الآية ، وأمّا المقدار فنستفيده من سائر الدلائل.
فصل
معنى «مفروضا» أي : مقطوعا واجبا وأصل الفرض : الحز (٣) والتأثير ، ولذلك سمّي الحزّ (٤) الّذي في سية القوس ، فرضا ، والحزّ (٥) الّذي في القداح يسمّى أيضا فرضا ، وهو علامة لتميّز بينها وبين غيرها ، والفرضة (٦) علامة في مقسم الماء يعرف بها كل ذي حقّ حقّه من الشّرب ، فهذا أصل الفرض في اللّغة ، ولهذا سمّى أصحاب أبي حنيفة الفرض [به](٧) ما (٨) ثبت بدليل قطعيّ ، والواجب ما (٩) ثبت بدليل ظنيّ ، قالوا : إنّ الفرض عبارة عن الحزّ والقطع ، والواجب عبارة عن السقوط يقال : وجبت الشّمس : إذا سقطت وسمعت وجبة يعنى : سقطة ، قال تعالى : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) [الحج : ٣٦] أي : سقطت ، وتأثير القطع أقوى من تأثير السّقوط.
قال ابن الخطيب (١٠) : وهذا التقرير يقضي عليهم بأن الآية ما تناولت ذوي الأرحام
__________________
(١) في أ : ترتيب.
(٢) في ب : «إلا أنها تدل على».
(٣) في ب : جزف.
(٤) في ب : الحر.
(٥) في ب : الحر.
(٦) في أ : يتميز بها عن غيرها وافترضته.
(٧) سقط في ب.
(٨) في ب : بما.
(٩) في ب : بما.
(١٠) ينظر : تفسير الرازي ٩ / ١٥٩.