أشهرهما : [عند المعربين](١) أن يكون (أَيُّهُمْ) مبتدأ وهو اسم استفهام ، و «أقرب» خبره ، والجملة من هذا لمبتدأ وخبره في محلّ نصب ب «تدرون» ؛ لأنّها من أفعال القلوب ، فعلّقها اسم الاستفهام عن أن تعمل في لفظه ؛ لأنّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله في غير الاستثبات.
والثّاني : أنّه يجوز أن يكون (أَيُّهُمْ) موصولة بمعنى (الذى) و (وَالْأَقْرَبُونَ) : خبر مبتدأ مضمر ، وهو عائد الموصول ، وجاز حذفه ؛ لأنه يجوز ذلك مع «أي» مطلقا ، أي : أطالت الصّلة أم لم تطل ، والتّقدير : أيّهم هو أقرب ، وهذا الموصول وصلته في محلّ نصب على أنّه مفعول به ، نصبه (تَدْرُونَ ،) وإنّما بني لوجود شرطي البناء ، وهما : أن تضاف «أي» لفظا ، وأن يحذف صدر صلتها ، وصارت هذه الآية نظير قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ) [مريم : ٦٩] ، فصار التقدير : لا تدرون الذي هو أقرب.
قال أبو حيّان : «ولم أرهم ذكروه» ، يعني هذا الوجه ، ولا مانع منه لا من جهة المعنى ، ولا من جهة الصّناعة (٢).
فعلى القول الأوّل تكون الجملة سادّة مسدّ المفعولين (٣) ولا حاجة إلى تقدير حذف.
وعلى الثّاني يكون الموصول في محلّ نصب مفعولا أوّل ، ويكون الثّاني محذوفا ، وبعدم الاحتياج إلى حذف المفعول الثّاني ، يترجّح الوجه الأوّل.
ثم هذه الجملة ، أعني قوله : (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ) لا محلّ لها من الإعراب ، لأنّها جملة اعتراضية.
قال الزمخشريّ ، بعد أن حكى في معانيها أقوالا اختار منها الأوّل : لأنّ هذه الجملة اعتراضيّة ، ومن حقّ الاعتراض أن يؤكّد ما اعترض بينه وبين ما يناسبه.
يعني بالاعتراض : أنّها واقعة بين قصة المواريث ، إلّا أنّ هذا الاعتراض غير مراد النحويين ، لأنّهم لا يعنون بالاعتراض في اصطلاحهم إلّا ما كان بين شيئين متلازمين كالاعتراض بين المبتدأ وخبره ، والشرط وجزائه (٤) والقسم وجوابه ، والصّلة وموصولها.
فصل في معانيءاباؤكم وأبناؤكم لا تدرون
ذكر الزّمخشريّ في معانيها أقوالا :
أحدها : ـ وهو الذي اختاره ـ أن جعلها متعلّقة بالوصيّة ، فقال : ثم أكّد ذلك ـ يعني الاهتمام بالوصيّة ـ ورغّب فيه بقوله : (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ) أي : لا تدرون من أنفع
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : الصياغة.
(٣) في أ : للمفعولين.
(٤) في أ : وجوابه.