نصيب الذّكر مثل حظ الأنثيين في الوارث النّسبي كذلك جعل حظّ الرّجل مثل حظّ الأنثيين في الوارث السببي فقال (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ)(١) وسواء كان الولد من الزوج ، أو من غيره وسواء كان الولد ذكرا أو أنثى ، ولا فرق بين الأوّلاد وأولاد الأولاد.
فصل : الخلاف في غسل الزوج زوجته بعد موتها
ذهب الشافعيّ وأحمد إلى أنّه يجوز للرّجل أن يغسل (٢) زوجته لقوله (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ) فسمّاها زوجة بعد الموت.
قال أبو حنيفة : لا يجوز ؛ لأنّها ليست زوجة ؛ لأنّه لا يحلّ وطؤها بعد الموت.
وأجيب بأنّها لو لم تكن زوجة لكان قوله (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ) مجازا ، وقد ثبت أنّ التّخصيص أولى من المجاز عند التّعارض ، وأيضا فقد حرم الوطء في صور كثيرة مع وجود الزوجيّة (٣) كزمن الحيض والنفاس نهار رمضان ، وعند الصّلوات المفروضة ، والحج المفروض.
ثمّ قال : (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ) وسواء كانت واحدة أو أربعا فهم فيه سواء ، وهذه الآية تدلّ على فضل الرّجل على المرأة لتفضيلهم في النّصيب ، ولأنّه ذكر الرّجال على سبيل المخاطبة وذكر النساء على سبيل المغايبة.
قوله : (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً) اضطربت أقوال العلماء في هذه ولا بدّ قبل التعرّض للإعراب من ذكر معنى (الْكَلالَةِ) واشتقاقها ، فإنّ الإعراب متوقف على ذلك ، فنقول : اختلف الناس في معنى (الْكَلالَةِ).
فقال جمهور اللغويين وغيرهم : إنّه الميت الّذي لا ولد له ولا والد ، وهو قول عليّ وابن مسعود.
وقيل : الّذي لا والد له فقط ، وهو قول عمر.
وقيل : الّذي لا ولد له فقط.
وقيل : هو من لا يرثه أب ولا أم ، وعلى هذه الأقوال كلّها فالكلالة واقعة على الميت.
وقيل : الكلالة : الورثة ما عدا الأبوين (٤) والولد ، قاله قطرب ، وهو اختيار أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وسموا بذلك ؛ لأنّ الميّت بذهاب طرفيه تكلّله الورثة ، أي : أحاطوا به
__________________
(١) في أ : ترك.
(٢) في ب : غسل.
(٣) في أ : الزوجين.
(٤) في أ : اسم للأبوين.