هذه القراءة. ولا حجة في ذلك ؛ لأنها موافقة للأخرى.
و «الغلول» في الأصل تدرع الخيانة وتوسطها و «الغلل» تدرّع الشيء وتوسطه ، ومنه «الغلل» للماء الجاري بين الشجر.
والغلّ الحقد ؛ لكمونه في الصدر ، وتغلغل في كذا إذا دخل فيه وتوسطه ، قال : [الوافر]
١٦٨٤ ـ تغلغل حيث لم يبلغ سراب |
|
ولا حزن ولم يبلغ سرور |
قيل : تغلغل الشيء إذا تخلل بخفية.
قال : [الوافر]
١٦٨٥ ـ تغلغل حبّ ميّة في فؤادي
والغلالة : الثوب الذي يلبس تحت الثياب ، والغلول الذي هو الأخذ في خفية مأخوذ من هذا المعنى.
ومنه : أغل الجازر ـ إذا سرق ، وترك في الإهاب شيئا من اللحم. وفرّقت العرب بين الأفعال والمصادر ، فقالوا : غلّ يغلّ غلولا ـ بالضم في المصدر والمضارع ـ إذا خان. وغلّ يغلّ غلّا ـ بالكسر فيهما ـ الحقد قال تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) [الأعراف : ٤٣] أي : حقد.
قال القرطبيّ : «والغالّ : أرض مطمئنة ، ذات شجر ، ومنابت الساج والطلح ، يقال لها : غال. والغال ـ أيضا : نبت ، والجمع : غلّان ـ بالضم».
فصل
اختلفوا في أسباب النزول : فروي أنه صلىاللهعليهوسلم غنم في بعض الغزوات ، وجمع الغنائم ، وتأخرت القسمة ؛ لبعض الموانع ، وقالوا : ألا تقسم غنائمنا؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : لو كان لكم مثل أحد ذهبا ما حبست عنكم درهما ، أتحسبون أنّي أغلّكم مغنمكم (١). فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقيل : الآية نزلت في أداء الوحي ، كان صلىاللهعليهوسلم يقرأ القرآن ، وفيه عيب دينهم وسبّ آلهتهم ، فسألوه أن يترك ذلك ، فنزلت.
وروى عكرمة وسعيد بن جبير : أن الآية نزلت في قطيفة حمراء ، فقدت يوم بدر ، فقال بعض الناس (٢) : لعل النبي صلىاللهعليهوسلم أخذها ، فنزلت الآية (٣).
__________________
(١) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (٩ / ٥٧).
(٢) في أ : الجهال.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٩ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠) عن عكرمة وسعيد بن جبير. ـ