الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) (١) [المنافقون : ١٠ ، ١١].
وقال عليهالسلام «إن الله ـ تعالى ـ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» (٢) وعن عطاء : ولو قبل موته بفواق النّاقة (٣).
وعن الحسن : أنّ إبليس قال حين أهبط إلى الأرض وعزّتك لا أفارق ابن آدم ما دام روحه في جسده.
فقال : وعزّتي لا أغلق عليه باب التّوبة ما لم يغرغر (٤).
فصل
قال المحقّقون : قرب الموت لا يمنع من قبول التّوبة ، بل المانع من قبول التّوبة مشاهدة الأهوال الّتي عندها يحصل العلم بالله تعالى على سبيل الاضطرار. وقالوا : لأنّ جماعة أماتهم الله تعالى ثمّ أحياهم مثل قوم من بني إسرائيل ، وأولاد أيّوب ـ عليهالسلام ـ ثمّ إنّه تعالى كلّفهم بعد ذلك الإحياء ، فدلّ ذلك على أن مشاهدة الموت لا تخلّ بالتكليف ولأنّ الشّدائد التي يلقاها من يقرب موته تكون مثل الشّدائد الحاصلة عند القولنج (٥) ومثل الشّدائد التي تلقاها المرأة عند الولادة أو أزيد ، فلمّا لم تكن هذه الشّدائد مانعة من بقاء التكاليف فكذا القول في تلك الشّدائد.
وأيضا فالقرب من الموت إذا عظمت الآلام [صار اضطرار العبد أشدّ ، والله تعالى يقول (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) [النمل : ٦٢] فتزايد الآلام](٦) في ذلك الوقت بأن
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) أخرجه أحمد (٢ / ١٣٢) والترمذي (٥ / ٢٤٧) في الدعوات (٣٥٣٨) وابن ماجه (٢ / ١٤٢٠) في الزهد (٤٢٥٣) وابن حبان (٦٠٧ ـ موارد) والحاكم في «المستدرك» (٤ / ٢٥٧) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وأخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٩٦) مرسلا عن الحسن البصري وبشير بن كعب.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٩٦) من طريق قتادة عن عبادة بن الصامت مرفوعا.
وقتادة لم يدرك عبادة بن الصامت.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ٧.
(٤) أخرجه بهذا اللفظ الطبري في «تفسيره» (٨ / ٩٥) عن الحسن وللحديث لفظ آخر : قال إبليس لربه : بعزتك وجلالك لا أبرح أغوي ابن آدم ما دامت الأرواح فيهم قال له ربه : فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني.
أخرجه أحمد (٣ / ٢٩ ، ٤١) وأبو يعلى (٢ / ٤٥٨) رقم (١٢٧٣) والحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠ / ٢٠٧) وقال : رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح وكذلك أحد إسنادي أبي يعلى.
(٥) مرض معويّ مؤلم يصعب معه خروج البراز والريح وسببه التهاب القولون. ينظر المعجم الوسيط ٢ / ٧٩٧.
(٦) سقط في ب.