فصل
قال القرطبيّ (١) ، وقد كان في العرب قبائل [قد اعتادت](٢) أن يخلف [ابن](٣) الرّجل على امرأة أبيه ، وكانت هذه السّيرة في الأنصار لازمة ، وكانت في قريش مباحة مع التّراضي ، ألا ترى أنّ عمرو بن أميّة خلف على امرأة أبيه بعد موته فولدت له مسافرا وأبا معيط ، وكان لها من أمية أبو العيص وغيره ؛ فكان بنو أمية إخوة [مسافر وأبي معيط](٤) وأعمامهما ، وأيضا صفوان بن أميّة تزوّج بعد أبيه امرأته ، فاختة بنت الأسود بن المطلب بن أسد ، وكان أميّة قتل عنها ومن ذلك منظور بن زبّان (٥) خلف على مليكة بنت خارجة ، وكان تحت أبيه زبّان بن سيار ومن ذلك حصن بن أبي قيس تزوّج امرأة أبيه [كبيشة](٦) بنت معن ، والأسود بن خلف تزوّج امرأة أبيه.
قوله : (إِنَّهُ) إن هذا الضمير يعود على النّكاح المفهوم من قوله : (وَلا تَنْكِحُوا) ويجوز أن يعود على الزّنا إذا أريد بقوله (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) من الزّنا و «كان» هنا تدلّ على الماضي فقط ؛ لأنّ معناها هنا : لم يزل (٧) ، أي في حكم الله وعلمه موصوفا بهذا الوصف ، وهذا المعنى هو الذي حمل المبرد على قوله : «إنها زائدة» ، وردّ عليه [أبو حيّان](٨) بوجود الخبر والزّائدة لا خبر لها ، وكأنه يعني بزيادتها ما ذكرناه من قوله لا تدلّ على الماضي فقط ، فعبّر عن ذلك بالزّيادة.
فصل
وصف تعالى هذا النّكاح بأمور ثلاثة :
الأوّل : أنّه فاحشة ، والفاحشة أقبح المعاصي ، وذلك أنّ زوجة [الأب](٩) تشبه الأمّ ، فكان مباشرتها من أفحش الفواحش لأنّ نكاح الأمّهات من أقبح الأشياء عند العرب قال أبو العبّاس (١٠) سألت ابن الأعرابي عن نكاح المقت فقال : هو أن يتزوج الرّجل امرأة أبيه إذا طلّقها أو مات عنها ويقال لهذا الرّجل : الضّيزن وقال ابن عرفة (١١) : كانت العرب إذا تزوّج الرّجل امرأة أبيه فأولدها ، قيل للولد : المقتيّ.
والثّاني : المقت هو بغض مقرون باستحقار ، فهو أخصّ منه ، وهو من الله تعالى في حقّ العبد يدلّ على غاية الخزي والخسار ، وكان لذلك أخص قبل النّهي منكرا في
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٦٨ ، ٦٩.
(٢) بياض في ب.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : معيط وأبو مسافر.
(٥) في ب : ريان.
(٦) سقط في أ.
(٧) في ب : معنى لم يزل.
(٨) سقط في ب.
(٩) سقط في ب.
(١٠) ينظر : تفسير القرطبي ٩ / ٦٩.
(١١) ينظر : المصدر السابق.