قال شهاب الدّين (١) : لا خلاف بين القولين في التّحقيق ؛ لأنّ من قال بنات جمع «بنة» ، بفتح الباء ، لا بدّ وأن يعتقد أنّ أصلها «بنوة» ، حذفت لامها وعوّض عنها تاء التأنيث ، والّذي قال: بنات جمع «بنوة» لفظ بالأصل فلا خلاف.
واعلم أنّ تاء «بنت» و «أخت» تاء تعويض عن اللام المحذوفة ، كما تقدّم تقريره ، وليست للتّأنيث ؛ لوجهين :
أحدهما : أنّ تاء التّأنيث يلزم فتح ما قبلها لفظا أو تقديرا : نحو : تمرة وفتاة ، وهذه ساكن ما قبلها.
والثّاني : أنّ تاء التأنيث تبدل في الوقف هاء ، وهذه لا تبدل ، بل تقرّ على حالها.
قال أبو البقاء (٢) : «فإن قيل : لم ردّ المحذوف في «أخوات» ولم يردّ في «بنات»؟ قيل : [حمل](٣) كلّ واحد من الجمعين على مذكّره ، فمذكر «بنات» لم يردّ إليه المحذوف بل قالوا فيه «بنون» ، ومذكر «أخوات» ردّ فيه محذوفه قالوا في جمع أخ : إخوة وإخوان».
قال شهاب الدّين (٤) : وهذا الذي قاله ليس بشيء ؛ لأنّه أخذ جمع التّكسير وهو إخوة وإخوان مقابلا ل «أخوات» جمع التّصحيح ، فقال (٥) : ردّ في أخوات كما ردّ في إخوة ، وهذا أيضا موجود في بنات ؛ لأنّ مذكّره في التّكسير ردّ إليه المحذوف قالوا : ابن وأبناء ، ولمّا جمعوا أخا جمع السّلامة قالوا فيه «أخون» بالحذف ، فردّوا في تكسير ابن وأخ محذوفهما ، ولم يردّوا في تصحيحهما ، [فبان](٦) فساد ما قال.
فصل
فصل اعلم أنّ الله تعالى نصّ على تحريم أربعة عشر صنفا من النّسوان ، سبعة من جهة النّسب ، وهنّ الأمّهات [والبنات ، والأخوات ، والعمات ، والخالات ، وبنات الأخ وبنات الأخت ، وسبعة من غير النسب ، وهن الأمهات المرضعات](٧) والأخوات من الرّضاعة وأمهات النّساء ، وبنات النّساء المدخول بأمّهاتهنّ ، وأزواج الأبناء ، وأزواج الآباء ، وقد ذكروا في الآية المتقدمة ، والجمع بين الأختين.
فصل
قال الكرخيّ (٨) : هذه الآية مجملة ؛ لأنّه أضيف التّحريم فيها إلى الأمّهات
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٢ / ٣٤١.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ١٧٤.
(٣) سقط في ب.
(٤) ينظر : الدر المصون ٢ / ٣٤١.
(٥) في ب : فقالوا.
(٦) سقط في ب.
(٧) سقط في أ.
(٨) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ٢١.