فصل [معنى الإحصان]
والإحصان ورد في القرآن [بإزاء](١) أربعة معان : التّزوج كهذه (٢) الآية لأنّه (٣) عطف المحصنات على المحرّمات ، فلا بدّ وأن يكون الإحصان سببا للحرمة ، ومعلوم أن الحرية والعفاف ، والإسلام لا تأثير لها (٤) في ذلك ، والمرأة المزوّجة (٥) محرمة على الغير.
الثّاني : العفّة قال تعالى : (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ) [النساء : ٢٥] وقوله (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) [المائدة : ٥](وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) [الأنبياء : ٩١] أي : أعفّته.
الثالث : الحرية في قوله : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) [النور : ٤] يعني الحرائر ؛ لأنّه لو قذف غير حرّة لم يجلد ثمانين جلدة. وكذا قوله (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) [النساء : ٢٥] وقوله : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ) [النساء : ٢٥].
الرّابع : الإسلام قال تعالى : (فَإِذا أُحْصِنَ) قيل في تفسيره فإذا أسلمن ، وهذا يقع معرفته في الاستثناء الواقع بعده ، وهو قول بعض العلماء ، فإن أريد به هنا التّزوج كان المعنى : وحرمت عليكم المحصنات أي المتزوجات (٦) ، قال أبو سعيد الخدريّ نزلت في نساء كنّ يهاجرن إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولهنّ أزواج فيتزوّجن بعض المسلمين ، ثم يقدم (٧) أزواجهن مهاجرين فنهى الله عن نكاحهن [ثم استثنى](٨) فقال : (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) يعني بالسّبي ، [ولهن أزواج في دار الحرب يحل لمالكهن وطؤهنّ بعد الاستبراء ؛ لأنّ بالسّبي] يرتفع (٩) النّكاح بينها وبين زوجها.
قال أبو سعيد الخدريّ : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم حنين جيشا إلى أوطاس فأصابوا سبايا لهنّ أزواج من المشركين فكرهوا غشيانهن (١٠) وتحرجوا ، فأنزل الله هذه الآية (١١).
وقال عطاء : يريد (١٢) أن تكون أمته في نكاح عبده يجوز أن ينزعها منه.
وقال ابن مسعود : أراد أن يبيع الجارية المزوّجة فتقع الفرقة بينها وبين زوجها ،
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : بهذه.
(٣) في أ : فإنه.
(٤) في أ : له.
(٥) في أ : الزوجة.
(٦) في أ : المزوجات.
(٧) في أ : قدم.
(٨) سقط في أ.
(٩) في أ : يمتنع.
(١٠) في أ : إغشائهن.
(١١) أخرجه مسلم (١ / ٤١٧) والترمذي (٤ / ٨٦) والنسائي (٢ / ٨٥) وأبو داود (٢١٥٥) والطيالسي (٢٢٣٩) وأحمد (٣ / ٨٤) والبيهقي (٧ / ١٦٧) وذكره السوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٤٦) وزاد نسبته للفريابي وابن أبي شيبة وأبي يعلى والطحاوي وابن حبان وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري.
(١٢) في أ : أراد.