بسم الله الرّحمن الرّحيم
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)(١٥٥)
إنما ثنّي «الجمعان» ـ وإن كان اسم جمع ـ وقد نصّ النّحاة على أنه لا يثنّى ولا يجمع إلا شذوذا ـ لأنه أريد به النوع ؛ فإن المعنى جمع المؤمنين وجمع المشركين ، فلما أريد به ذلك ثنّي ، كقوله : [الطويل]
١٦٧٢ ـ وكلّ رفيقي كلّ رحل وإن هما |
|
تعاطى القنا قوما هما أخوان (١) |
فصل
(تَوَلَّوْا) انهزموا (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) جمع المسلمين وجمع المشركين يوم أحد ، وكان قد انهزم أكثر المسلمين ، ولم يبق مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إلا ثلاثة عشر رجلا ، ستة من المهاجرين : أبو بكر ، وأبو عبيدة بن الجراح وعليّ ، وطلحة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقّاص ـ وسبعة من الأنصار ـ حباب بن المنذر وأبو دجانة ، وعاصم بن ثابت ، والحارث بن الصّمّة ، وسهل بن حنيف ، وأسيد بن حضير ، وسعد بن معاذ (٢) ـ وقيل : أربعة عشر ؛ سبعة من المهاجرين ، فذكر الزبير بن العوّام معهم ، وسبعة من الأنصار.
وقيل : إن ثمانية من هؤلاء كانوا بايعوه يومئذ على الموت : ثلاثة من المهاجرين : طلحة ، والزبير ، وعلي ، وخمسة من الأنصار : أبو دجانة ، والحارث بن الصّمّة ، وحباب بن المنذر ، وعاصم بن ثابت ، وسهل بن حنيف ، ثم لم يقتل منهم أحد.
وروي أنه أصيب مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم نحو ثلاثين ، كلهم يجيء ، ويجثو بين
__________________
(١) البيت للفرزدق ينظر ديوانه ٢ / ٣٢٩ ، وخزانة الأدب ٧ / ٥٧٢ ، ٥٧٣ ، ٥٧٩ ، والدرر ٥ / ١٣٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٣٦ ، ولسان العرب (يدي) ، ومغني اللبيب ١ / ١٩٦ ، والدر المصون ٢ / ٢٤٠.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٥٧) وعزاه لابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير.