فصل في من يقيم الحد على الإماء؟
اختلفوا (١) فيمن يقيم (٢) الحدّ على العبد والأمة إذا زنيا ، قال ابن شهاب : مضت السّنّة أن يحدّ العبد والأمة أهلوهم في الزّنا ، إلّا أن يرفع أمرهم إلى السّلطان ، فليس لأحد أن يفتات عليه وقوله عليهالسلام «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحدّ» ، وقال عليهالسلام : «أقيموا (٣) الحدود على ما ملكت أيمانكم من أحصن منهم (٤) ، ومن لم يحصن» (٥).
قال مالك : يحدّ المولى عبده في الزّنا وشرب الخمر ، والقذف إذا شهد عنده الشّهود ، ولا يقطعه في السّرقة إلّا الإمام.
وقال أبو حنيفة : «لا يقيم الحدود عليهم إلّا السّلطان».
فصل متى يحد الأمة السلطان؟
قال القرطبيّ (٦) : إذا زنت الأمة ثمّ عتقت قبل أن يحدّها سيّدها لم يحدّها إلا السّلطان ، فإن زنت ثم تزوّجت لم يكن لسيّدها أن يجلدها لحقّ الزّوج ؛ إذ قد يضرّه ذلك ، إذا لم يكن الزّوج ملكا للسّيّد ، فلو كان ملكا للسّيّد ؛ جاز ذلك لأن حقّهما حقّه.
فصل
إذا أقرّ العبد بالزّنا ، وأنكره المولى فالحدّ يجب على العبد لإقراره ، ولا يلتفت لإنكار السّيّد ، فلو عفا السّيّد عن عبده ، أو أمته إذا زنيا ، فقال الحسن : له أن يغفر (٧) وقال غيره : لا ينفعه إلّا إقامة الحدّ ، كما لا يسع السّلطان أن يعفو عن حدّ إذا علمه.
قوله : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) «ذلك» : مبتدأ ولمن خشي : جارّ ومجرور [خبره] ، والمشار إليه ب «ذلك» إلى نكاح الأمة المؤمنة لمن عدم الطّول ، والعنت في الأصل انكسار العظم بعد الجبر ؛ فاستعير لكلّ مشّقّة.
__________________
ـ (١٤ / ١٥٩) وعبد الرزاق (١٣٦٠٠) والبيهقي (٨ / ٢٤٤) والدارقطني (٣ / ١٦٠) والطبراني (٥ / ٢٧٥) والطيالسي (١٥٢٧ ـ ١٥٢٨ ـ منحة) وابن عبد البر في «التمهيد» (٩ / ٩٧) من طرق عن زيد بن خالد وأبي هريرة وقال الترمذي : حديث أبي هريرة حسن صحيح.
وأخرجه الترمذي (٤ / ٣٧) رقم (١٤٤٠) من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٩٥.
(٢) في أ : يقيم.
(٣) في أ : أقيم.
(٤) في أ : منهن.
(٥) أخرجه أحمد (١ / ١٣٥ ، ١٤٥) وأبو داود (٤٤٧٣) والطيالسي (١٤٦ ـ منحة) والبيهقي (٨ / ٢٤٥) والدارقطني (٣ / ١٥٨) والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣ / ١٣٦) عن علي بن أبي طالب مرفوعا.
(٦) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٩٥.
(٧) في ب : يئس له أن يعفو.