تقديره يريد الله تحريم ما حرّم [عليكم](١) وتحليل ما حلّل ، وتشريع ما تقدّم لأجل التّبيين لكم ، ونسبه بعضهم لسيبويه ، فمتعلّق الإرادة غير التّبيين وما عطف عليه ، وإنّما تأوّلوه بذلك ؛ لئلّا يلزم (٢) تعدّي الفعل إلى مفعوله المتأخّر عنه باللّام ، وهو ممتنع وإلى إضمار «إن» بعد اللام الزائدة.
والمذهب الثّاني ـ ويعزى أيضا لبعض البصريّين ـ : أن يقدّر الفعل الّذي قبل اللام بمصدر في محلّ رفع بالابتداء ، والجارّ بعده خبره ، فيقدر : يريد الله ليبيّن إرادة الله تعالى للتّبيين وقوله : [شعر] [الطويل]
١٧٨٩ ـ أريد لأنسى ذكرها [فكأنّما |
|
تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل](٣) |
أي : إرادتي ، وقوله تعالى (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ) [الأنعام : ٧١] أي : أمرنا بما أمرنا لنسلم ، وفي هذا القول تأويل الفعل بمصدر ، من غير حرف مصدر ، وهو ضعيف نحو : «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» (٤) قالوا : تقديره : أن تسمع فلما حذف «أن» رفع الفعل وهو من تأويل المصدر لأجل الحرف المقدّر [فكذلك هذا](٥) فلام الجرّ على الأوّل في محلّ نصب لتعلقها ب «يريد» وعلى الثّاني في محلّ رفع لوقوعها خبرا.
الثالث : وهو مذهب الكوفيّين أنّ اللام هي النّاصبة بنفسها من غير إضمار «أن» ، وما بعدها مفعول الإرادة ، لأنّها قد تقام اللام مقام «أن» في : أردت وأمرت ، فيقال : أردت أن تذهب ، وأردت لتذهب ، وأمرتك لتقوم ، وأمرتك أن تقوم ؛ قال تعالى (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ) [الصف : ٨] ، وقال في موضع آخر : [(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ)](٦) [التوبة : ٣٢]. وقال : (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [الأنعام : ٧١] وفي موضع آخر : (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ) [غافر : ٦٦] وقال (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) [الشورى : ١٥] أي : أن أعدل بينكم ، ومنع البصريّون ذلك ؛ لأنّ اللام ثبت بها الجرّ في الأسماء ، فلا يجوز أن ينصب بها فالنّصب عندهم بإضمار «أن» كما تقدّم.
الرّابع ، وإليه ذهب الزّمخشريّ ، وأبو البقاء (٧) : أنّ اللام زائدة ، و «أن» مضمرة بعدها ، والتّبيين مفعول [الإرادة.
قال الزمخشري : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ) يريد الله أن يبيّن ، فزيدت اللام مؤكدة لإرادة التبيين ، كما](٨) زيدت في «لا أبا لك» لتأكيد إضافة الأب وهذا خارج عن أقوال البصريّين ، والكوفيين ، وفيه أن «أن» تضمر بعد اللام الزّائدة ، وهي لا تضمر فيما نصّ
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : ليلازم.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : مجمع الأمثال ١ / ٢٢٧.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.
(٧) ينظر : الإملاء ١ / ١٧٦.
(٨) سقط في أ.