٣١](إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)(١) [النساء : ٤٨](إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ)(٢)(مِثْقالَ ذَرَّةٍ) [النساء : ٤٠] ، (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) [النساء : ١١٠] و (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ) [النساء : ١٤٧].
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً)(٢٩)
في كيفية النظم وجهان :
أحدهما : أنه تعالى لما ذكر كيفية التصرف في النفوس بسبب النكاح ذكر كيفية التصرف في الأموال.
الثاني : لما ذكر ابتغاء النكاح بالأموال وأمر بإبقاء المهور بين بعد ذلك كيفية التصرف في الأموال ، وخص الأكل بالذكر دون غيره من التصرفات لأنه المقصود الأعظم من الأموال ؛ لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) [النساء : ١٠] واختلفوا في تفسير الباطل فقيل هو الربا والغصب والقمار والسرقة والخيانة وشهادة الزور وأخذ المال باليمين الكاذبة ، وعلى هذا تكون الآية مجملة لأنه يصير التقدير : لا تأكلوا أموالكم التي حصلتموها بطريق غير مشروع ، ولم يذكر هاهنا الطريقة المشروعة (٣) على التفصيل فصارت الآية مجملة.
وروي عن ابن عباس والحسن أن الباطل هو ما يؤخذ من الإنسان بغير عوض (٤) وعلى هذا لا تكون الآية مجملة لكن قال بعضهم : إنها منسوخة ، قال لما نزلت هذه الآية تحرج الناس من أن يأكلوا عند أحد شيئا وشق ذلك على الخلق. فنسخ الله تعالى ذلك بقوله في سورة النور (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ)(٥) [النور : ٦١] وأيضا إنما هو تخصيص ولهذا روى الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : هذه الآية محكمة ما نسخت ولا تنسخ إلى يوم القيامة(٦).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٢١١) عن ابن عباس وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٥٦) وزاد نسبته لا بن أبي الدنيا في «التوبة» والبيهقي في «شعب الإيمان».
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : هاهنا الطريق المشروع.
(٤) ذكره أبو حيان في «البحر المحيط» (٣ / ٢٤٠) عن ابن عباس والحسن.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٢١٨) عن عكرمة والحسن وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٥٧) وعزاه للطبري فقط.
(٦) أخرجه الطبراني في «الكبير» كما في «مجمع الزوائد» (٧ / ٦) وابن أبي حاتم كما في «الدر المنثور» (٢ / ٢٥٧) بسند صحيح كما قال السيوطي وقال الهيثمي في «المجمع» (٧ / ٦) : رواه الطبراني ورجاله ثقات.