على حسب القراءتين ، وأصل «تراض» «تراضو» بالواو ؛ [لأنه مصدر تراضى تفاعل من رضي ، ورضي من ذوات الواو بدليل الرضوان ، وإنما تطرفت الواو بعد كسرة](١) فقلبت ياء فقلت : تراضيا ، و «منكم» صفة لتراض ، فهو محل جر و «من» لابتداء الغاية.
فصل
والتجارة في اللغة عبارة عن المعاوضة ومنه الأجر الذي يعطيه الله تعالى للعبد عوضا من الأعمال الصالحة.
قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) [الصف : ١٠] وقال (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) [فاطر : ٢٩] وقال (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) [التوبة : ١١١] ، فسمى ذلك كله بيعا وشراء على وجه المجاز ، تشبيها بعقود المبيعات التي تحصل بها الأغرار.
فصل : كل معاوضة تجارة
اعلم أن كل معاوضة تجارة على أي وجه كان العوض ، إلا أن قوله تعالى (بِالْباطِلِ) أخرج منها كل عوض لا يجوز شرعا من ربا وغيره أو عوض فاسد كالخمر ، والخنزير ، وغير ذلك ، ويخرج أيضا كل عقد جائز لا عوض فيه كالقرض والصدقة ، والهبة ، لا للثواب ، وجازت عقود التبرعات بأدلة أخر ، وخرج منها دعاأ أخيك إياك إلى طعامه ، بآية النور ، على ما سيأتي إن شاء الله ـ تعالى ـ.
فصل
قال القرطبي (٢) : لو اشتريت في السوق شيئا فقال لك صاحبه قبل الشراء ذقه ، وأنت في حل ، فلا تأكل منه ؛ لأن إذنه في الأكل لأجل الشراء ، فربما لا يقع بينكم بيع ، فيكون ذلك شبهة ، لكن لو وصف لك صفة فاشتريت ، فلم تجده على تلك الصفة فأنت بالخيار.
فصل
قوله (عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) أي : بطيبة نفس كل واحد منكم على الوجه المشروع.
وقيل هو أن يخير كل واحد من المتبايعين صاحبه بعد البيع ، فيلزم وإلا فلهما الخيار ما لم يتفرقا لقوله عليهالسلام : «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» (٣) أو يخير كل واحد
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ١٠٠.
(٣) أخرجه البخاري (٣ / ١٢٣) كتاب البيوع باب إذا بين البيعان ... (٢٠٧٩) وباب : ما يمحق الكذب (٢٠٨٢) وباب كم يجوز الخيار (٢١٠٨) وباب البيعان بالخيار (٢١١٠) ومسلم (٥ / ١٠) وأبو داود (٣٤٦٩) والنسائي (٢ / ٢١٢) والترمذي (١ / ٢٣٥) والدارمي (٢ / ٢٥٠) والشافعي (١٢٥٩) والطحاوي ـ