الإسراء (١). فأما مضموم الميم ، فإنّه يحتمل وجهين :
أحدهما : أنّه مصدر وقد تقرّر أنّ اسم المصدر من الرّباعيّ فما فوقه كاسم المفعول ، والمدخول فيه على هذا محذوف أي : «ويدخلكم الجنة إدخالا».
والثّاني : أنّه اسم مكان الدّخول ، وفي نصبه حينئذ احتمالان :
أحدهما : أنّه منصوب على الظّرف ، وهو مذهب سيبويه.
والثّاني : أنّه مفعول به ، وهو مذهب الأخفش ، وهكذا كلّ مكان مختص بعد «دخل» فإنّ فيه هذين المذهبين ، وهذه القراءة واضحة ، لأنّ اسم المصدر ، والمكان جاريان على فعليهما.
وأمّا قراءة نافع ، فتحتاج إلى تأويل ، وذلك لأنّ الميم المفتوحة إنّما هو من الثّلاثيّ ، والفعل السّابق لهذا رباعيّ فقيل : إنّه منصوب بفعل مقدّر مطاوع لهذا الفعل ، والتقدير : يدخلكم ، فتدخلون مدخلا.
و «مدخلا» منصوب على ما تقدّم : إمّا المصدريّة ، وإما المكانيّة بوجهيها.
وقيل : هو مصدر على حذف الزّوائد نحو : (أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) [نوح : ١٧] على أحد القولين.
فصل
روى ابن عمرو عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «الكبائر الإشراك بالله عزوجل وعقوق الوالدين ، وقتل النّفس ، واليمين الغموس» (٢).
وقال عليهالسلام : «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثا. فقالوا : بلى يا رسول الله. قال : «الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ـ وكان متّكئا فجلس ـ وقال : ألا وقول الزّور» فما زال يكرّرها ، حتّى قلنا ليته سكت (٣).
وعن عمر بن شراحيل عن عبد الله قال : قلت يا رسول الله : أيّ الذّنب أعظم. قال : «أن تجعل لله ندّا وهو خالقك» قال : ثمّ أي. قال : «أن تقتل ولدك مخافة أن يأكل معك» قلت : ثمّ أي. قال : «أن تزاني حليلة جارك» (٤) فأنزل الله ـ تعالى ـ تصديق قول
__________________
(١) آية ٨٠.
(٢) أخرجه البخاري (١١ / ٥٥٥) كتاب الأيمان والنذور (٦٦٧٥) ، (١٢ / ٢٦٤) رقم (٦٩٢٠) والترمذي (٥ / ٢٢٠) كتاب التفسير باب سورة النساء (٣٠٢١) والنسائي كتاب تحريم الدم باب ذكر الكبائر والقسامة من طريق الشعبي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
(٣) أخرجه البخاري كتاب الأدب باب عقوق الوالدين رقم (٥٩٧٧) ومسلم كتاب الإيمان (١٤٣ ، ١٤٤) وأحمد (٣ / ١٣١) والبيهقي (١٠ / ١٢١) عن أنس بن مالك مرفوعا.
(٤) أخرجه البخاري كتاب التفسير باب سورة البقرة (٤٤٧٧) وباب سورة الفرقان (٤٧٦١) وكتاب الأدب ـ