قال بعض العلماء : «النّهي [عن](١) التّمنّي المذكور في هذه الآية ، هو ما لا يجوز تمنّيه من عرض الدّنيا ، وأشباهها ، وأما التّمني في الأعمال الصّالحة ، فحسن قال عليهالسلام : «اللهمّ وددت أنّي أحيى ، ثمّ أقتل [ثم أحيى ثم أقتل» (٢)](٣) ، وذلك يدلّ على فضل الشّهادة على سائر أعمال البرّ ؛ لأنّه ـ عليهالسلام ـ تمنّاها دون غيرها فرزقه الله إيّاها لقوله عليهالسلام : «ما زالت أكلة خيبر تعاودني [كل عام ، حتى كان هذا] أوان انقطاع أبهري» (٤).
وفي الصّحيح : «إنّ الشّهيد يقال له : تمنّ ، فيقول : أتمنّى أن أرجع إلى الدّنيا ، فأقتل في سبيلك مرّة أخرى» (٥) وكان عليهالسلام يتمنى إيمان أبي طالب وأبي لهب ، وصناديد قريش ، مع علمه بأنّه لا يكون.
قوله : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) قيل : من الجهاد.
(وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ،) أي : من طاعة أزواجهن [وحفظ فروجهنّ](٦).
وقيل : ما قدر لهن من الميراث ، يجب أن يرضوا به ، ويتركوا الاعتراض (٧) نهى الله ـ عزوجل ـ عن التّمنّي على هذا الوجه لما فيه من دواعي الحسد ، ولأنّ الله ـ عزوجل ـ أعلم بمصالحهم منهم ؛ فوضع القسمة بينهم متفاوتة على حسب ما علم من مصالحهم ويكون الاكتساب بمعنى : الإصابة.
وقيل : ما يستحقّوه من الثّواب في الآخرة.
وقيل : [المراد](٨) الكلّ ؛ لأنّ اللّفظة محتملة ولا منافاة.
فصل : إثبات الهمزة في الأمر من السؤال
الجمهور على إثبات الهمزة في الأمر من السّؤال الموجه نحو المخاطب ، إذا تقدّمه واو ، أو فاء نحو : (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ) [يونس : ٩٤] ، (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) [النساء : ٣٢] ، وابن كثير ، والكسائي بنقل حركة الهمزة إلى السّين تخفيفا لكثرة استعماله. فإن (٩) لم تتقدّمه واو ، ولا فاء ، فالكلّ على النقل نحو : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) [البقرة : ٢١١] ، وإن كان لغائب ، فالكلّ على الهمز نحو : (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) [الممتحنة : ١٠].
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) تقدم.
(٣) سقط في أ.
(٤) ذكره بهذا اللفظ المتقي الهندي في «كنز العمال» رقم (٣٢١٨٩) وعزاه لابن السني وأبي نعيم كلاهما في «الطب» عن أبي هريرة.
(٥) الحديث ذكره القرطبي في «تفسيره» (٥ / ١٦٣).
(٦) سقط في ب.
(٧) في أ : لأغراض.
(٨) سقط في أ.
(٩) في أ : فإذا.