الثّاني : الضّلال ، قال تعالى : (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) [الحج : ٥٣] أي : في ضلال.
الثّالث : أن الشّقاق : العداوة قال تعالى : (وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي) [هود : ٨٩] أي : عداوتي ، و [العداوة](١) وممّا يشق على صاحبه.
الرابع : أنّ كلّ واحد منها صار في شقّ بالعداوة ، والمباينة.
فصل [هل البعث خطاب للإمام أم لآحاد الناس]
قوله (فَابْعَثُوا) قال بعضهم : هذا خطاب للإمام ، أو نائبه وقال آخرون : هذا خطاب عامّ للجميع ، وليس حمله على البعض أولى من حمله على البقيّة ، فوجب حمله على الكلّ ، فعلى هذا يكون أمرا لآحاد الأمّة سواء وجد الإمام ، أم لم يوجد ، فللصّالحين أن يبعثوا حكما من أهله ، وحكما من أهلها للإصلاح ، ولأنّ هذا يجري مجرى دفع الضّرر ، ولكل أحد أن يقوم به.
قوله : (مِنْ أَهْلِهِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلّق ب (فَابْعَثُوا) فهي لابتداء الغاية.
والثّاني : أن يتعلّق بمحذوف ؛ لأنّها صفة للنكرة ، أي : كائنا من أهله فهي للتّبعيض.
فصل
شرط الحكمين أن يكونا عدلين ، ويجعلهما الحاكم حكمين ، والأولى أن يكون [واحد من أهله ، وواحد من أهلها ، لأنّ أقاربهما أعرف بحالهما من الأجانب ، وأشدّ طلبا للصلاح ، فإن كانا](٢) أجنبيّين [جاز](٣).
وفائدة الحكمين أن يخلو كلّ واحد منهما بصاحبه ، ويستكشف منه حقيقة الحال ، ليعرف رغبته في الإقامة معه على النّكاح ، أو المفارقة ، ثمّ يجتمع الحكمان ، فيفعلان ما هو المصلحة من طلاق ، أو خلع.
وهل للحكمين تنفيذ أمر يلزم الزّوجين دون إذنهما ، مثل : أن يطلق حكم الرّجل ، أو يفتدي حكم المرأة بشيء من مالها؟
قال أبو حنيفة : لا يجوز.
وقال غيره (٤) : يجوز.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ب.
(٤) هذا أحد قولي الشافعي رضي الله عنه وهو قول مالك وإسحاق. ينظر تفسر الرازي ١٠ / ٧٥.