خرقة ، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده. ولم يجوّز أصحاب الرّأي الجمع بين التّيمّم والغسل ، وقالوا : إن كان أكثر أعضائه صحيحا ، غسل الصّحيح وكفاه ، وإن كان الأكثر جريحا ، اقتصر على التّيمّم ، والحديث حجّة عليهم (١).
قوله : (أَوْ عَلى سَفَرٍ) في محلّ نصب (٢) عطفا على خبر كان ، وهو المرضى ؛ وكذلك قوله: (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ) (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) ، وفيه (٣) دليل على مجيء [خبر](٤) كان فعلا ماضيا من غير «قد» ، وادّعاء حذفها تكلّف لا حاجة إليه ؛ كذا استدلّ به أبو حيان ، ولا دليل فيه ؛ لاحتمال أن يكون «أو جاء» عطفا على «كنتم» تقديره : وإن جاء أحد ، وإليه ذهب أبو البقاء (٥) ، وهو أظهر من الأوّل والله أعلم.
فصل
أراد مطلق السّفر طويلا كان أو قصيرا ، إذا عدم الماء فإنه يصلّي بالتّيمّم ، ولا إعادة عليه ؛ لما روي عن أبي ذرّ ؛ قال : قال النّبي صلىاللهعليهوسلم : إنّ الصّعيد الطّيّب وضوء المسلم ، وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجد الماء ، فليمسّه بشرته (٦) فإن لم يكن مريضا ولا في سفر ، ولكنه عدم الماء في موضع لا يعدم فيه الماء غالبا : كقرية انقطع ماؤها فقال بعضهم يصلّي بالتّيمّم ، ويعيد إذا قدر على الماء ، وقال آخرون: لا إعادة [عليه](٧) وهو قول الأوزاعي ومالك ، وقال أبو حنيفة : يؤخّر الصّلاة حتى يجد الماء. وقوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) أراد به : إذا أحدث ، وقوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ) يدل على الانتقال من مكان الغائط والانتقال عنه.
و «منكم» في محلّ رفع ؛ لأنه صفة لأحد فيتعلّق بمحذوف ، و (مِنَ الْغائِطِ) متعلّق ب «جاء» فهو مفعوله ، وقرأ الجمهور : «الغائط» بزنة «فاعل» وهو المكان المطمئن من الأرض [وجمعه الغيطان ثم عبّر عن الحدث كناية ؛ للاستحياء من ذكره ، وفرّقت](٨) العرب بين الفعلين منه ، فقالت : غاط في الأرض ، أي : ذهب وأبعد إلى مكان لا يراه فيه إلا من وقف عليه ، وتغوّط : إذا أحدث (٩).
__________________
(١) في أ : عليه.
(٢) في أ : رفع.
(٣) في أ : وفي.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : الإملاء ١ / ١٨٢.
(٦) أخرجه أبو داود (١ / ٦٠ ـ ٦١) كتاب الطهارة : باب الجنب يتيمم (٣٣٢ ، ٣٣٣) والترمذي (١ / ٢١١ ـ ٢١٢) أبواب الطهارة : باب ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء (١٢٤) والنسائي (١ / ١٧٦ ـ ١٧٧) والبيهقي (١ / ٢٢٠) من حديث أبي ذر.
وانظر نصب الراية (١ / ٧٧ ـ ٧٨).
(٧) سقط في أ.
(٨) سقط في أ.
(٩) في أ : حدث.