اللمس على الأصغر ، لم يبق للحدث الأكبر ذكر ، وقال ابن مسعود ، وابن عمر ، والشعبي ، والنّخعي (١) : هما التقاء البشرتين سواء كان بجماع أو غير جماع ؛ لأن حكم الجنابة تقدّم في قوله : (وَلا جُنُباً) فلو حملنا اللّمس على الجنابة ، لزم التّكرار.
قوله : (فَلَمْ تَجِدُوا) الفاء عطفت ما بعدها على الشّرط ، وقال أبو البقاء (٢) : على «جاء» لأنه جعل «جاء» عطفا على «كنتم» ، فهو شرط عنده ، والفاء في قوله : «فتيمموا» هي (٣) جواب الشّرط ، والضّمير في «تيمموا» لكلّ من تقدّم ؛ من مريض ومسافر ومتغوّط وملامس أو لامس ، وفيه تغليب للخطاب على الغيبة ؛ وذلك أنّه تقدّم غيبة في قوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ) وخطاب في «كنتم» ، و «لمستم» فغلّب الخطاب ، في قوله : «كنتم» وما بعده عليه ، وما أحسن ما أتي هنا بالغيبة ؛ لأنه كناية عما يستحيا منه فلم يخاطبهم به ، وهذا من محاسن الكلام ؛ ونحوه قوله : (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء : ٨٠] [و «وجد» هنا بمعنى «لقي»](٤) فتعدت لواحد و «صعيدا» مفعول به لقوله «تيمموا» أي : اقصدوا.
وقيل : هو على إسقاط حرف ، أي : بصعيد ، وليس بشيء لعدم اقتياسه ، والصّعيد «فعيل» بمعنى الصّاعد ، [قيل : الصّعيد](٥) : وجه الأرض ترابا كان أو غيره.
فصل : الخلاف في وجوب تكرار طلب الماء في الصلاة الثانية
قال الشّافعي (٦) : إذا دخل وقت الصلاة فطلب الماء ولم يجد الماء ، وتيمم وصلّى ، ثم دخل وقت الصّلاة الثّانية ، يجب عليه الطلب ثانيا ؛ لقوله (فَلَمْ تَجِدُوا) وهذا يشعر بسبق (٧) الطّلب.
وقال أبو حنيفة : لا يجب ، واعترض على الآية بأن قوله : (فَلَمْ تَجِدُوا) لا يشعر بسبق الطلب ؛ قال ـ تعالى ـ : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ) [الأعراف : ١٠٢](وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى وَوَجَدَكَ عائِلاً) [الضحى : ٧ ، ٨] ، (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) [طه : ١١٥] ، وهذا لا يسبقه طلب ؛ لاستحالته على الله ـ تعالى ـ.
فصل
قال أبو حنيفة : التيمم هو القصد ، والصّعيد هو ما يصعد من الأرض ؛ فقوله (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) ، أي : اقصدوا أرضا ، وقال الشّافعي : هذه الآية مطلقة ، وآية المائدة مقيّدة بقوله : (مِنْهُ) [المائدة : ٦] وكلمة «من» للتّبعيض ، وهذا لا يتأتّى في
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٤٣٣.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ١٨٢.
(٣) في أ : بنى.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في ب.
(٦) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ١٤٨ وتفسير الرازي ١٠ / ٩١.
(٧) في ب : بمطلق.