فصل في معنى «الملك»
اختلفوا في هذا (الْمُلْكِ ،) فقيل : إنّ اليهود كانوا يقولون : نحن أولى بالملك ، والنّبوة ؛ فكيف نتبع العرب؟ فأبطل الله ذلك ، بهذه الآية.
وقيل : كانوا يزعمون أنّ الملك يعود إليهم ، في آخر الزمان ، فيخرج من اليهود من يجدّد ملكهم ؛ فكذّبهم الله [تعالى](١) بهذه الآية.
وقيل [المراد](٢) بالملك (٣) ـ هاهنا ـ التّمليك ، يعنى : أنّهم إنّما يقدرون على دفع نبوّتك ؛ لو كان التمليك إليهم ، [و](٤) لو كان التمليك إليهم ؛ لبخلوا بالنّقير ، والقطمير. فكيف يقدرون على النّفي (٥) والإثبات.
قال أبو بكر الأصمّ (٦) : كانوا أصحاب بساتين وأموال ، وكانوا في عزة ، ومنعة ، وكانوا يبخلون على الفقراء بأقل القليل ؛ فنزلت هذه الآية.
قوله : «فإذن» حرف جواب ، [وجزاء](٧) ونونها أصلية ، قال مكي [وحذاق النحويّين على كتب نونها نونا](٨) وأجاز الفرّاء أن تكتب ألفا ، وما قاله الفرّاء هو قياس (٩) الخطّ ؛ لأنه مبنيّ على الوقف [والوقف على نونها بالألف ، وهي حرف ينصب المضارع بشروط تقدّمت](١٠) ، ولكن إذا وقعت بعد عاطف ، فالأحسن الإهمال وقد قرأ ابن (١١) مسعود ، وابن عبّاس ـ هنا ـ بإعمالها ، فحذف النّون من قوله : (لا يُؤْتُونَ).
وقال أبو البقاء (١٢) : ولم يعمل ـ هنا ـ من أجل حرف العطف وهو الفاء ، ويجوز في غير القرآن ، أن يعمل مع الفاء ، وليس المبطل لا ؛ لأنّ «لا» يتخطّاها العامل ، فظاهر هذه العبارة : أنّ المانع حرف العطف ، وليس كذلك ، بل المانع التلاوة ، ولذلك قال آخرا : ويجوز في غير القرآن.
قال سيبويه (١٣) : «إذن» في أصل الأفعال بمنزلة «أظن» في عوامل الأسماء ، وتقريره : أنّ الظنّ إذا وقع أوّل الكلام ـ نصب ، لا غير ؛ كقولك : أظنّ زيدا قائما ، وإن توسّط جاز إلغاؤه ، وإعماله تقول : زيد ظننت منطلق ، ومنطلقا ، وإن تأخّر ، ألغي.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : إن الملك.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : فكيف يقدرون رفع بنوتك على النفي.
(٦) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٠٥.
(٧) سقط في ب.
(٨) سقط في أ.
(٩) في ب : القياس.
(١٠) سقط في أ.
(١١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٦٧ ، والبحر المحيط ٣ / ٢٨٤ ، والدر المصون ٢ / ٧ ، ٣.
(١٢) ينظر : الإملاء ١ / ١٨٣.
(١٣) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ١٠٥.