والجملة في محلّ نصب على الحال ، من الضمير المنصوب في (نُصْلِيهِمْ ،) ويجوز أن يكون صفة ل «نارا» ، والعائد محذوف ، وليس بالقويّ ، و «ليذوقوا» متعلّق ب «بدلناهم».
قال القرطبيّ (١) : يقال : نضج الشّيء نضجا ونضجا ، وفلان نضيج الرّأي أي : محكمه.
فصل في معنى قوله (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ)
(كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ) أي : (٢) كلما احترقت جلودهم ، بدلناهم جلودا غير الجلود المحترقة (٣).
قال ابن عبّاس : يبدّلون جلودا بيضا ، كأمثال القراطيس (٤). روي أنّ هذه الآية قرئت عند عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال عمر للقارىء : أعدها ، فأعادها ، وكان عنده معاذ ابن جبل ، فقال معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ عندي تفسيرها : تبدّل في الساعة مائة مرّة ، فقال عمر : هكذا سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٥).
قال الحسن : تأكلهم النار كلّ يوم سبعين ألف مرّة ، كلّما أكلتهم ، قيل لهم : عودوا ، فيعودون كما كانوا (٦).
روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيّام ، للرّاكب المسرع» (٧).
وعن أبي هريرة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ضرس الكافر ، أو ناب الكافر ، مثل أحد وغلظ [جلده](٨) مسيرة ثلاثة أيّام» (٩).
فإن قيل : إنّه تعالى قادر على إبقائهم أحياء في النّار أبد الآباد فلم لم يبق أبدانهم
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ١٦٤.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : الحرقة.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٤٨٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣١٠) وزاد نسبته لابن أبي حاتم من طريق ثوير عن ابن عمر. والبغوي ١ / ٤٤٢.
(٥) أخرجه الطبري في «الأوسط» كما في «مجمع الزوائد» (٧ / ٩). وقال الهيثمي : وفيه نافع مولى يوسف السلمي وهو متروك.
والأثر ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣١٠) وقال : أخرجه الطبراني في الأوسط وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف من طريق نافع عن ابن عمر.
(٦) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣١١) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن.
(٧) أخرجه البخاري (١١ / ٤٢٣) كتاب الرقاق باب صفة الجنة والنار (٦٥٥١) ومسلم (٤ / ٢١٨٩) كتاب الجنة : باب النار يدخلها الجبارون (٤٥ ـ ٢٨٤٢) عن أبي هريرة. والبغوي ١ / ٤٤٣.
(٨) سقط في أ.
(٩) أخرجه مسلم (٤ / ٢١٨٩) كتاب الجنة باب النار يدخلها الجبارون (٤٤ ـ ٢٥٨١) والترمذي (٤ / ٦٠٦) كتاب صفة جهنم : باب ما جاء في عظم أهل النار (٢٥٧٨) من حديث أبي هريرة.
وقال الترمذي : حسن صحيح.