روى الشّعبيّ عن أنس قال : استحملني رجل بضاعة ، فضاعت من بين ثيابي. فضمنني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ (١).
وعن أنس قال : كان لإنسان عندي وديعة ستّة آلاف درهم ، فذهبت فقال عمر : «ذهب لك معها شيء»؟ [قلت : لا](٢) فألزمني الضّمان (٣).
وحجة الجمهور ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا ضمان على داع ، ولا [على](٤) مؤتمن» (٥) ، وأما فعل عمر ـ رضي الله عنه ـ [فهو](٦) محمول على أنّ المودع اعترف بفعل يوجب الضمان.
فصل في الخلاف في ضمان العارية
قال الشافعيّ وأحمد : العارية مضمونة بعد الهلاك لقوله تعالى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (٧) والأمر للوجوب ، وقوله ـ عليه الصلاة والسلام : «على اليد ما أخذت حتّى تؤديه» (٨) وخصت منه الوديعة ، فيبقى العامّ بعد التّخصيص (٩) حجة ، وأيضا فإنّا أجمعنا على أنّ المستام مضمون ، وأنّ المودع غيره مضمون والعارية وقعت في البين ، ومشابهتها للمستام أكثر ؛ لأنّ كلا منهما أخذه الأجنبي لغرض نفسه ، والوديعة أخذها لغرض المالك ، فظهر الفرق بين العارية والوديعة.
وقال أبو حنيفة : [العارية](١٠) ليست مضمونة كقوله عليهالسلام «لا ضمان على مؤتمن» وجوابه أنّه مخصوص بالمستام ، فكذا في العارية ، ودليلنا ظاهر القرآن.
قوله : (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [فيكون](١١) قوله (أَنْ تَحْكُمُوا)
__________________
(١) أخرجه البيهقي في «سننه» (٦ / ٢٨٩) من طريق النضر بن أنس عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب ضمنه وديعة سرقت منه.
(٢) سقط في ب.
(٣) انظر مصدر تخريج الحديث السابق.
(٤) سقط في أ.
(٥) أخرجه الدارقطني (٣ / ٤١) والبيهقي ٦ / ٢٨٩) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا.
(٦) سقط في ب.
(٧) سقط في ب.
(٨) أخرجه أبو داود (٣ / ٢٩٦) كتاب البيوع باب في تضمين العارية (٣٥٦١) والترمذي (٣ / ٥٦٦) في البيوع باب ما جاء في أن العارية مؤداة (١٢٦٦) وابن ماجه (٢ / ٨٠٢) كتاب الصدقات : باب العارية (٢٤٠٠) وأحمد (٥ / ٨ ، ١٢ ، ١٣) والحاكم (٢ / ٤٧) والبيهقي (٦ / ٩٠) والطبراني في «الكبير» (٧ / ٢٥٢) وابن أبي شيبة (٦ / ١٤٦) وابن الجارود في «المنتقى» (١٠٢٤) من طريق الحسن عن سمرة مرفوعا.
وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد على شرط البخاري.
(٩) في ب : الخاص.
(١٠) سقط في أ.
(١١) سقط في ب.