بصير بكلّ المبصرات يبصر ذلك ، وهذا أعظم أسباب الوعد للمطيع ، وأعظم أسباب الوعيد للعاصي. وإليه الإشارة بقوله ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ «اعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك».
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(٥٩)
اعلم أنّه تعالى لما أمر الولاة بالعدل ؛ أمر الرعية بطاعة الولاة.
قال ابن عبّاس وجابر : أولو الأمر : [هم](١) الفقهاء ، والعلماء الّذين يعلّمون النّاس دينهم(٢).
وهو قول الحسن ، والضّحاك ومجاهد. لقوله تعالى (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى)(٣)(أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ).
وقال أبو هريرة : هم الأمراء والولاة (٤) ، وقال عليّ بن أبي طالب : حقّ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله ، ويؤدّي الأمانة ، فإذا فعل ذلك ؛ حقّ على الرّعيّة أن يسمعوا ، ويطيعوا (٥).
وروى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «من أطاعني ؛ فقد أطاع الله ، ومن يعصني ، فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير ؛ فقد أطاعني ومن يعصي الأمير ، فقد عصاني» (٦) وقال عليه الصّلاة والسلام «السّمع والطّاعة على المرء المسلم فيما أحبّ وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية ، فلا سمع ولا طاعة» (٧).
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٤٩٩ ، ٥٠٠ ، ٥٠١) عن ابن عباس وجابر والحسن ومجاهد وأبي العالية.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣١٥) عن جابر وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وذكره أيضا (٢ / ٣١٥) عن مجاهد وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن أبي شيبة وابن المنذر.
(٣) سقط في ب.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٤٩٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣١٥) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. وذكره ابن حجر في «الفتح» (٨ / ١٩١) وقال : أخرجه الطبري بإسناد صحيح.
(٥) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (١٠ / ١١٥) عن علي بن أبي طالب.
(٦) أخرجه البخاري (٦ / ١٣٥) كتاب الجهاد والسير باب يقاتل من وراء الإمام ويتقى به (٢٩٥٧) ومسلم (٣ / ١٤٦٦) كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية (٣٢ ـ ١٨٣٥) من حديث أبي هريرة.
(٧) أخرجه البخاري (١٣ / ١٢١) كتاب الأحكام : باب السمع والطاعة (٧١٤٤) ومسلم (٣ / ١٤٦٩) كتاب ـ