آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨]. ثم قال (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) [النجم : ٢٣] وقال ـ عليهالسلام ـ : «إذا روي عنّي حديث ، فاعرضوه على كتاب الله ، فإن وافقه فاقبلوه ، وإلا فردّوه» (١) فهذه النّصوص تقتضي ، أن لا يجوز العمل بالقياس البتّة ، وإنما عملنا بالقياس فيما لا نصّ فيه ، ولا دلالة دلّت على وجوب العمل بالقياس ، جمعا بينها وبين هذه الأدلّة. انتهى.
فصل في دلالة الآية على أكثر علم الأصول
دلّت هذه الآية على أكثر أصول الفقه ؛ لأن أصول الشّريعة هي الكتاب والسّنّة والإجماع والقياس ، فقوله : [تعالى](٢)(أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) إشارة للكتاب والسّنّة ، وقوله : (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) يدل على الاجماع ؛ لأنه ـ تعالى ـ أوجب طاعة أولي الأمر ، وذلك يستلزم عصمتهم عن (٣) الخطأ ، وإلّا لوجب طاعته عند كونه مخطئا ، واتّباع (٤) الخطأ منهيّ عنه ، فيجتمع الأمر والنّهي [وهو محال](٥) ؛ فثبتت العصمة لأولي الأمر ، فأولو الأمر إمّا أن يكونوا جميع الأمراء ، أو بعضهم ، ولا يمكن أن يكونوا بعضهم ؛ لأن الأمر بطاعتهم مشروط بمعرفتهم ، والقدرة على (٦) الاستفادة منهم ، ونحن عاجزون قطعا عن معرفة الإمام المعصوم والوصول إليه ؛ فوجب أن يكون المراد من (أُولِي الْأَمْرِ) أولي الحلّ والعقد من هذه [الأمّة](٧) وهو الإجماع.
فإن قيل : المراد ب (أُولِي الْأَمْرِ) الخلفاء الرّاشدون ، أو أمراء السّرايا أو العلماء المفتون في الأحكام الشّرعيّة ، أو (٨) الأئمّة المعصومون عند الرّوافض (٩) ، فالقول الذي اخترتموه خارج عن أقوال الأمّة فيكون باطلا ، أو تحمل الآية على الأمراء والسّلاطين ؛ لنفوذ أمرهم (١٠) في الخلق ، بخلاف أهل الإجماع ؛ ولقوله ـ عليهالسلام ـ : «من أطاعني فقد أطاع الله ، [ومن أطاع أميري فقد أطاعني](١١) ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن عصى أميري فقد عصاني» (١٢).
__________________
(١) تقدم.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : من.
(٤) في ب : وأطباع.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : في.
(٧) سقط في أ.
(٨) في ب : و.
(٩) في ب : الروافد.
(١٠) في ب : أوامرهم.
(١١) سقط في ب.
(١٢) أخرجه البخاري (٦ / ١٣٥) كتاب الجهاد والسير : باب يقاتل من رواء الإمام ويتقى به حديث (٢٩٥٧) ومسلم (٣ / ١٤٦٦) كتاب الإمارة : باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية حديث (٣٢ / ١٨٣٥) من حديث أبي هريرة.