فصل : الأمر في الشرع يدل على التكرار
ظاهر الأمر في عرف الشّرع يدل على التّكرار لوجوه :
الأول : أن قوله : (أَطِيعُوا اللهَ) يصحّ منه استثناء أيّ وقت كان ، وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل ؛ فوجب أن يكون قوله : (أَطِيعُوا اللهَ) متناولا لكلّ الأوقات ، وذلك يقتضي التّكرار.
والقول الثاني : لو لم يفد ذلك ، لصارت الآية مجملة ؛ لأن الوقت المخصوص والكيفيّة المخصوصة غير مذكورة ، فإذا حملناه على العموم كانت مبيّنة ، وهو أولى من الإجمال ، أقصى ما في الباب أنّه يدخل التّخصيص ، والتّخصيص خير من الإجمال.
الثالث : أنه أضاف لفظ الطّاعة إلى لفظ الله ، [وهذا](١) يقتضي أن منشأ وجوب الطّاعة هو العبوديّة والرّبوبيّة ، وذلك يقتضي دوام وجوب الطّاعة على المكلّفين إلى يوم القيامة.
فصل
قال ـ [تعالى](٢) ـ : (أَطِيعُوا اللهَ) فأفرده بالذّكر [ثم](٣) قال : (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ) وهذا تعليم من الله لنا الأدب ، ولذلك روي أن رجلا قال بحضرة الرّسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «من أطاع الله والرّسول فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى» ، فقال ـ عليهالسلام ـ :
«بئس الخطيب أنت هلا قلت : من عصى الله وعصى رسوله» (٤). أو لفظ هذا معناه ؛ وذلك لأنّ الجمع بينهما في اللّفظ يوهم نوع مناسبة ومجانسة ، والله ـ تعالى ـ منزّه عن ذلك.
فصل : في فروع تتعلق بالإجماع
دلّ قوله ـ تعالى ـ : (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) على أن الإجماع حجّة ، وههنا فروع :
الأوّل : أن الإجماع لا ينعقد إلا بقول العلماء ، الذين يمكنهم استنباط أحكام الله ـ تعالى ـ من نصوص الكتاب والسّنّة ، وهؤلاء هم المسمّون بأهل (٥) الحلّ والعقد.
الثاني : اختلفوا في الإجماع الحاصل عقيب الخلاف ، هل هو حجّة أم لا ، وهذه
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) أخرجه مسلم كتاب الجمعة (٤٨) وأبو داود كتاب الجمعة ب ٢٣ وأحمد (٤ / ٣٥٦ ، ٣٧٩) والبيهقي (١ / ٨٦) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٤ / ٢٩٦) من حديث عدي بن حاتم.
(٥) في ب : أهل.