الرابع : بمعنى التّحقيق ؛ قال ـ تعالى ـ : (هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) [يوسف : ١٠٠] أي : تحقيق رؤياي ؛ ومثل الوجه الأوّل : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) [الأعراف :] أي : عاقبته ، [ومثله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) [يونس : ٣٩] أي : عاقبته](١).
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً)(٦٠)
لما أوجب الطّاعة على جميع المكلّفين في الآية الأولى ، ذكر في هذه الآية أن المنافقين والذين في قلوبهم مرض لا يطيعون الرّسول ، ولا يرضون بحكمه ، وإنما يريدون حكم غيره ، و «الزّعم» بفتح الزّاي وضمها وكسرها مصدر زعم ، وهو قول يقترن (٢) به اعتقاد ظنّيّ ؛ قال : [الطويل]
١٨١٤ ـ فإن تزعميني كنت أجهل فيكم (٣) |
|
فإنّي شريت الحلم بعدك بالجهل (٤) |
قال ابن دريد : أكثر ما يقع على الباطل ، وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «بئس مطيّة الرّجل زعموا».
وقال الأعشى : [المتقارب]
١٨١٥ ـ ونبّئت قيسا ولم أبل(٥) |
|
كما زعموا خير أهل اليمن (٦) |
فقال الممدوح : وما هو إلا الزّعم ، وحرمه ولم يعطه شيئا ، وذكر صاحب العين أنّها تقع غالبا [على «أنّ»](٧) وقد تقع في الشّعر على الاسم ، وأنشد بيت أبي ذؤيب ، وقول الآخر : [الخفيف]
١٨١٦ ـ زعمتني شيخا ولست بشيخ |
|
إنّما الشّيخ من يدبّ دبيبا (٨) |
قيل : ولا يستعمل في الأكثر إلا في القول الذي لا يتحقّق.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : مقترن.
(٣) في ب : بعدكم.
(٤) تقدم برقم ٤٣٥.
(٥) في ب : أنله.
(٦) ينظر البيت في ديوانه ص ٧٥ ، وتخليص الشواهد ص ٤٦٧ ، والدرر ٢ / ٢٧٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٥ ، ومجالس ثعلب ٢ / ٤١٤ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٤٠ ، وشرح الأشموني ١ / ١٦٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٣٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٥١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٩ والدر المصون ٢ / ٣٨١.
(٧) سقط في أ.
(٨) البيت لأبي أمية أوس الحنفي ينظر شرح شواهد المغني ص ٩٢٢ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٩٧ ، وشرح التصريح ١ / ٢٤٤٨ ، وأوضح المسالك ٢ / ٣٨ وتخليص الشواهد ٤٢٨ ، وشرح الأشموني ١ / ١٥٦ ، وشرح قطر الندى ص ١٧٢. والدر المصون ٢ / ٣٨١.